أسبوع الشجرة والذكاءات المتعددة.. وقاية نفسية آمنة

الاحد - 19 مارس 2017

Sun - 19 Mar 2017

يشير الذكاء بمعناه العام لدى الفرد إلى أنه القدرة على التوافق والتفاعل الإيجابي مع البيئة الاجتماعية والطبيعية من أشخاص وكائنات حية. والبيئة الطبيعية عامرة بالكائنات، وبقدر ما بسط الله الرزق للإنسان في الأرض، وطالبه بالسعي والإعمار وهبه من العقل والحكمة لتحقيق الخلافة في الأرض. وبقدر ما أودع الله في الأرض من أسرار، أودع في الإنسان الحكمة والذكاء.

إن التناغم والتوافق مع البيئة الطبيعية بما تحتويه من حيوانات وأشجار ونباتات لا يقل أهمية كأحد أنواع الذكاءات المتعددة لدى الإنسان عن ذكاء التناغم مع الآخرين من البشر، أو ما سمي بالذكاء الاجتماعي. فقد جاء ضمن قائمة الذكاءات المتعددة لجاردنر ما يسمى (بالذكاء الطبيعي أو البيئي والتأملي)، وهو الذكاء الثامن في قائمته، والذي يشير إلى حساسية الفرد نحو البيئة الطبيعية والفضول الفطري للرغبة في استكشاف العالم الطبيعي والقدرة على فهم الكائنات الطبيعية وأشكالها المختلفة. كذلك تحدث توني بوزان عن إدراك عظمة الله في خلق الكون واعتبرها ضمن مهارات الذكاء الروحي.

فقد حثنا ديننا الحنيف على تنمية ذكائنا البيئي بالتفكر والتدبر في مخلوقاته، حيث قال الله سبحانه وتعالى: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت (17) وإلى السماء كيف رفعت (18) وإلى الجبال كيف نصبت (19) وإلى الأرض كيف سطحت).

فالذكاء البيئي هو قدرة الإنسان على التمييز والمقارنة بين الكائنات الحية (النباتات، الحيوانات) إضافة لمعرفة الخصائص والظواهر الطبيعية (كالأحجار الطبيعية..). كما يشير أيضا إلى القدرة على تمييز الملامح الثقافية المحددة لبيئة معينة مع التعرف على المحيط الطبيعي والاهتمام بأنماط الحياة الأخرى ومدى تفاعلها في البيئة. فهو ذكاء التناغم مع البيئة الطبيعية.

وينبغي أن يكون لدى الفرد وعي تام بالعالم والطبيعة من حوله، ولهذا يجب تنمية قدرة النشء على حب الطبيعة والحيوانات والنباتات والأشياء الطبيعية، بالاحتفال بأسبوع الشجرة بالمدارس والجامعات كل عام، وتأكيد أهمية الغطاء النباتي للبيئة وللإنسان، والتبصير بالأضرار والمخاطر الناتجة عن عدم الاهتمام بالتشجير، وكذلك التحدث عن ظاهرة التصحر البيئي ودور الإنسان في التقليل منها. لأن هذا سيساهم بدوره في حل الكثير من المشكلات التي يعاني منها إنسان القرن الحادي والعشرين. ليس هذا فحسب، بل إن الاهتمام بتنمية هذا النوع من الذكاء الإنساني سيقلل بدوره من مخاطر الوقوع في براثن الاضطرابات والأمراض النفسية والانزلاق في دائرة المشكلات السلوكية المضادة للمجتمع لدى المراهقين خاصة. ولذلك في بعض مراكز العلاج النفسي العالمية يستخدم العلاج بالعمل عن طريق تنسيق الزهور والحدائق كأحد الأساليب العلاجية.

ولا بد أن يتجه العلاج النفسي في مجتمعنا العربي إلى توظيف أنواع الذكاءات المتعددة لدى العميل كأحد الأساليب العلاجية الحديثة الفعالة وتطبيق نظرية جاردنر في تخطيط وإعداد البرامج الإرشادية والعلاجية من حيث تحديد الأهداف واختيار الأنشطة والأساليب والفنيات العلاجية في ضوء ذكاءات العميل بهدف تغيير أسلوب حياته. هذا بالإضافة إلى أن المستشفيات النفسية يلاحظ أن مبانيها تحاط بالأشجار والزهور لتحقيق الهدوء النفسي من خلال تأمل المريض، والذي يعد أحد الأساليب الإرشادية والعلاجية الحديثة. فقد ظهر الإرشاد والعلاج بالتأمل كتيار معاصر في الدول الغربية.

(اغرس شجرة تحصد عافية).

الأكثر قراءة