أسئلة الكتابة الخمسة: إياد عبدالرحمن

الاثنين - 20 مارس 2017

Mon - 20 Mar 2017

أن تكون كاتبا هذا يعني أن تمتلك مشهدا وجمهورا، لكن "إياد عبدالرحمن" اختار أن يكون الكاتب والجمهور والمترجم والمصفق أيضا.



فهو يحاول أن يتجاوز نفسه طوال الوقت، لذا فالكلمات المدهشة هي من تركض باتجاهه لتصنع شغف القارئ.



هنا يتحرر "إياد" من غموضه، ليجيب على أسئلة الكتابة بانتقائية مذهلة وواضحة:



ماذا تكتب:

أنا لا أعتقد أنني أكتب، وإنما أضع نفسي على الورق، جزئيا بالطبع، وبانتقائية عالية دائما، فالعالم ليس مهتما بالكثير مني، والقليل قد لا يبدو كافيا. لذا، أنا أكتب على قدر الحاجة وحسب! في بادئ الأمر كتبت الشعر، كان الأمر فضائحيا أكثر مما ينبغي، ثمة تفاصيل لم أنجح في صياغتها، وأخرى أساء الآخرون فهمها، والكثير الكثير الذي لم أفهمه أنا أصلا، فتحتم علي اللجوء إلى الرواية كي أختبئ خلف شخوص خيالية، أو ربما كي أصورني بطريقة أقل فوضوية.



الآن، أصبح من الصعب على القارئ (وهذا اعتقاد غير صحيح على الدوام) تفكيك الرمزيات أو محاولة سبر أغواري، وأصبح بوسعي أن أكتبني بقسوة، دون أن يعاتبني أحد. أنا لست ودودا على الإطلاق، ولا أذكر أنني قد امتدحت نفسي ذات مرة، لكنني لست جلادا بالطبع، أريد للعالم أن يعرف هذا جيدا، وما أفعله هو في حقيقة الأمر صورة معقدة من صور الحب الذي أكنه لنفسي.



مؤخرا، توجهت للترجمة، لقد اكتشفت أن خوض الحديث عن الآخرين هو أمر أكثر متعة، وأقل فضائحية، فصرت منكبا على اختيار الأعمال المترجمة التي أجد نفسي بين سطورها، وصار بوسعي أن أترجمني دون أن يتمكن من تفكيكي أي قارئ (وهذا الاعتقاد صحيح على الدوام).



لماذا تكتب:

أعتقد أن الكتابة (وحتى القراءة) أشبه بقطار ينقلنا من مرحلة عمرية لأخرى، وأنا على الأرجح أردت أن أشيخ سريعا فحسب.



لدي الكثير من الأفكار التي تتخبط في رأسي، لو كنت مثل البقية لاخترت التخلص منها، لكنني استخدمتها (بقصد أو من دون قصد) كي ترشدني إلى نسخة أكثر نضجا مني.



أنا أخشى كثيرا البقاء واقفا، أو أن يتجاوزني الآخرون، لقد كتبت كي أسابق الجميع، أو ربما كي أتخطاني، مع العلم بأن العالم بأسره كان (ومن وجهة نظري) لا يزال واقفا حين بدأت الكتابة.



منذ الصغر وأنا متورط في الكتابة، كان الأمر مستهجنا بين أقراني، ولا يزال هكذا حتى اللحظة، يبدو أن لا أحد سواي يريد أن يكبر سريعا.



لمن تكتب:

لا أعرف. لقد أهديت أعمالي لمجموعة من الأشخاص، ثلاثة منهم انقطعت صلتي بهم لأسباب مجهولة، وآخر ما زال يتمنع حتى اللحظة عن الرد على مراسلاتي.



وحدها أمي هي التي ما زالت (تطبطب)، لكن الأمهات لا يصنعن جمهورا حقيقيا، وكل الآخرين الذين يقرؤون لي هم إما فضوليون، أو لديهم وقت فراغ طويل جدا.



متى تكتب:

بعد منتصف الليل، حين يخلد الجيرة إلى النوم، وخصوصا تلك الطفلة التي انتقلت بمعية والديها للعيش في الشقة المجاورة.



إنني ما زلت حتى هذه اللحظة منكبا على الدعاء، كلي أمل في أن تبلغ السادسة سريعا، كي تلتحق بالمدرسة، وكي أعود بدوري إلى طقوس الكتابة الصباحية، وإلا، سأهديها كتابا يجعلها تكبر هي الأخرى سريعا.



كيف تكتب:

باستجلاب أكبر عدد ممكن من الكتب والمصادر التي من شأنها أن تعينني على الكتابة.



تظل طاولة المكتب مرتبة رغم كل شيء، خالية إلا من الحاسوب، نظرا لأن المواد المجلوبة هي تأتي في غالبها بصيغة الكترونية، وما من منفضة سجائر تفسد ود السطح الخشبي أو بقع أكواب تدنسه، فأنا لا أدخن ولا أشرب القهوة.