عبدالله الجنيد

المعركة المتعددة النطاقات

السبت - 18 مارس 2017

Sat - 18 Mar 2017

بعد 6 أشهر من المراجعات لفلسفة (المعركة المتعددة النطاقات Multi Domain Battle) يتم اعتمادها من قبل المخططين في البنتاجون. فقد كانت الفلسفة المعتمدة حتى وقت قريب هي (الحرب الجو- برية Air Land Battle) وتعد عاصفة الصحراء (تحرير الكويت) المثال التطبيقي الأول لتلك الفلسفة. إلا أن حالة عدم الاستقرار الدولي وعودة الحرب الباردة بالإضافة لتعدد البؤر العالية السخونة من جنوب آسيا إلى أوروبا فرضت على البنتاجون ضرورة مراجعة فلسفة معالجة الأزمات السياسية في القرن الـ21 مستشرفة في ذلك تداعيات الحرب على الإرهاب. من هنا خلص المخططون إلى اعتماد مبدأ «المعركة المتعددة النطاقات Multi Domain Battle «، أي باستهداف الخصم (العدو) بكل عناصر القوة في آن واحد (الجوية، البحرية، البرية، الحرب الالكترونية، المعنوية والنفسية) بهدف إنهاء المواجهة العسكرية في أقصر مساحة زمنية ومكانية. ومحور الموصل (العراق) الرقة (سوريا) سيكون المسرح الأول لتعميد تلك الفلسفة الجديدة في القضاء على داعش بالاشتراك مع حلفائها في المنطقة.



في التاسع من مارس الحالي مثل الجنرال جوزيف فوتيل (قائد القيادة المركزية) أمام لجنة الدفاع بالكونجرس لتقديم تصوراته حول الحرب على الإرهاب في سوريا، حيث أدلى بالتالي «محاربة داعش ستقتضي وجود قوات أكبر وبقاء أطول في سوريا»، وأضاف «لضمان استقرار المناطق المحررة من داعش علينا إعادة بناء وتأهيل المؤسسات المدنية والخدماتية في الرقة». وبقراءة سريعة للانتشار الحالي للقوات الأمريكية ميدانيا ستكون الأنبار منطقة التحضير الأساسية بالقرب من بادية الشام مدعومة بقوة استطلاع في منبج (المارينز طليعة كتيبة مدفعية / الرينجرز طليعة كتيبة قتال ممكننة خفيفة) وبإسناد جوي متعدد الوسائط من قواعد في شمال سوريا (قاعدة رميلان في الحسكة وقاعدة كوباني). فكلا القاعدتين قد أعيد تأهيلها بالكامل مع دعم لوجستي من قواعد حليفة وعملية، رفع مستوى القوات من ناحية العدد والعدة ما زال في طور البناء تحضيرا لساعة الصفر. لذلك فإن قوس محور الموصل الرقة منبج يرتكز على فكي كماشة قد يمثل التحالف الإسلامي قاعدته جنوبا، وقد مثل رعد الشمال أحد الأمثلة على قدرة تلك القوة على الانتشار في مسرح عمليات قد تدرب عليها، والانتقال من الاحتواء إلى الإسهام في فرض الاستقرار في الحرب على الإرهاب.



فبمراجعة كل المؤشرات لزيارة ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان لواشنطن كلها تأتي مؤكدة لعزم إدارة الرئيس ترمب على إنهاء أكبر الملفات المعيقة للحلول السياسية في المنطقة انطلاقا من القضاء على داعش. وتأتي تصريحات ترمب وأقطاب إدارته مؤكدة ضرورة فرض الاستقرار بعد أن فشلت كل سياسات الاحتواء التي اعتمدتها إدارة سلفه أوباما. فإعلان مستشار وزير الدفاع السعودي اللواء العسيري عن اضطلاع القوات الجوية السعودية بتنفيذ 341 عملية جوية ضد داعش في سوريا يؤكد قدرة المملكة العربية السعودية على التعاطي مع مصادر تهديد متعددة في آن واحد. كذلك كان تأكيدها على المشاركة الميدانية بقوات أرضية في تلك الحرب على داعش في سوريا. وتعد القوات السعودية والإماراتية الأكفأ من حيث التأهيل بالاطلاع بدور حيوي في عمليات خاصة أو عمليات الجهد المشترك Joint Strike Force، لذلك سيكون لكليهما دور حيوي في العمليات المقبلة في القضاء على داعش في سوريا.



وتمثل العمليات المشتركة لقوات التحالف العربي (البحرية والجوية) ضد أهداف في الحديدة وجوارها مثالا حيا على تحضيرها للاشتراك في ذلك الجهد.



اعتماد مبدأ أو فلسفة المعركة المتعددة النطاقات Multi Domain Battle يهدف أولا إلى إجبار الخصم على الإذعان أو التخلي عن الرغبة في مواصلة القتال واللجوء للخيار السياسي. ثانيا إن النزاعات الطويلة الأمد عامل مزعزع للاستقرار الدولي وهذا أمر لم يعد مقبولا. ثالثا إخراج عنصر توظيف القوة من أي معادلة سياسية وحصر توظيفها في فرض الاستقرار.



[email protected]