عبدالله حسن أبوهاشم

العائدون منبهرون!

الجمعة - 17 مارس 2017

Fri - 17 Mar 2017

كلما ألتقي شابا أو أكثر من الشباب المبتعثين أو الدارسين في إحدى الدول الأوروبية أو الأمريكية، بعد عودتهم من هناك، وأتحدث معهم عن دراستهم وأحوالهم وعن تلك الدول، أجد علامات الانبهار والإعجاب والدهشة تظهر على وجوههم بصورة واضحة جلية.



والملاحظ بل والعجيب أن انبهارهم وإعجابهم ودهشتهم لا علاقة له مثلا بمظاهر التطور العمراني في تلك الدول، فهذا الجانب لن يحدثونك عنه أصلا، فمدننا مليئة بالقصور الفارهة والأبراج السكنية الشاهقة التي لا تقل ارتفاعا عما هو موجود عندهم.



ولن يحدثونك عن شوارع مدنهم، فلدينا في مدننا شوارع واسعة وفسيحة ونظيفة، لا تقل جمالا وروعة ونظافة عما هو موجود في تلك الدول، ولا عن مطاعمهم، فعندنا أيضا مطاعم راقية، علاوة على أن جميع شركات المأكولات العالمية الموجودة عندهم، لديها فروع في بلادنا،

ولا عن أسواقهم ومراكزهم التجارية، فبلادنا يوجد بها الكثير من الأسواق والمراكز أو (المولات) التجارية الراقية، وهي أكثر من الهم على القلب.



لكنهم يحدثونك بدهشة وإعجاب عن تمسك شعوب تلك الدول بصفات وخصال وقيم ومبادئ وأخلاق، هي من تعاليم وآداب الإسلام، برغم أنهم غير مسلمين، لذلك كان من الأولى أن يتمسك بها المسلمون قبل غيرهم، فتجد القادم من الغرب يحدثك بإعجاب على سبيل المثال عن التزام تلك المجتمعات بالأنظمة والقوانين فلا يحيدون عنها ومن يخالفها تنتظره عقوبة رادعة تطبق على الجميع من غير استثناء وعن تقيدهم الشديد بالنظام واحترامهم لحقوق الآخرين وحسن التعامل ويحدثونك بدهشة أيضا عن صدقهم وأمانتهم وإخلاصهم ودقتهم في العمل، فلا وجود للغش في تنفيذ الأعمال، ولا وجود للرشاوى والفساد المالي والإداري، ولا (امسك لي واقطع لك)، ولا مكان للواسطة أو المحسوبية.



ويحدثونك بإعجاب عن التزامهم بالمواعيد، والحفاظ على أوقات العمل، فلا تجد من يتأخر عن عمله أو يغيب، ثم يبحث عن واسطة أو معرفة تمنحه تقريرا طبيا، فلديهم شعور عال بالأمانة وحس بالمسؤولية، باختصار انضباط في كل شيء.



قلت لأحد الشباب إن هذه الحالة لخصها الشيخ الإمام محمد عبده -رحمه الله- بعد حضوره مؤتمر باريس عام 1818 في عبارته الشهيرة (وجدت في بلاد الغرب مسلمين بلا إسلام، وفي بلاد الشرق إسلام بلا مسلمين).



سؤال محير يتردد دائما: ما الذي يجعل المواطن العربي -بشكل عام- يلتزم بالقوانين ويحترم النظام من أول يوم من وصوله إلى دولة غربية؟ بينما لا يفعل ذلك في وطنه؟ كيف (يتبرمج) ويتأدب في الغرب بهذه السرعة؟!