أسئلة الكتابة الخمسة: عواض شاهر العصيمي

الأربعاء - 15 مارس 2017

Wed - 15 Mar 2017

لا شك أنها علاقة مثيرة للاهتمام تلك التي تجمع الروائي عواض شاهر العصيمي بالكتابة، فالأمر لا بد أن يكون مختلفا عندما يكتب أحدهم مدفوعا بالتوتر واستمتاعا بالنقص وفي أوقات مجهولة تهدد بغيابها الأبدي وكثير من التفاصيل الملفتة التي يحكيها هنا:



ماذا تكتب؟

‏أكتب أي شيء أجدني ماهرا فيه، لا أقصد المهارة المسكتة لفرط تمامها، فهذا ما لا أستطيعه، وإنما أقصد المهارة التي تربطني في شكل طبيعي بالحياة والواقع.



إنها مهارة ناقصة لا شك، لكن هذا هو سر تعلقي بها منذ أول جملة كتبتها، أن أستمتع بالنقص وما دون التمام، هذه هي قدراتنا الحقيقية إن نحن أخلصنا لها، وبها يمكننا أن نفهم الفرق بين أفضل ما نحصل عليه والمعجزة.



من كتاب فن الكتابة، عندما كان زينج جو في مدينة يوان زهو زاره زاي جي وقدم له قصائده، فيما يلي بيتان من قصيدته المعنونة "براعم الخوخ المبكرة":



ثلج عميق في القرية المجاورة/ كوكبة أغصان أزهرت في الليلة الماضية.



وعلق زينج جو قائلا "إذا كانت كوكبة أغصان أزهرت، فإنها ليست براعم مبكرة، لذا من الأفضل أن تقول: غصن واحد".



وحياه زاي جي بوصفه معلما، ومنذئذ، راح النقاد الصينيون يصفون زينج جو بسيد الكلمة الواحدة.



لماذا تكتب؟

‏من ضمن أسباب لماذا أكتب، لأنني أشعر بتوتر الإنسان، إذ ينجز شيئا يراه مهما وضروريا، هذا التوتر هو إنزيم الفنون عموما، وهو إنزيم الكتابة بالنسبة إلي لأني لا أجيد التعامل مع سواها من الفنون.



لمن تكتب؟

‏قبل سنوات أمسكت بقطعة فولاذ طرفها حاد ثم شرعت في حفر سطح إحدى الصخور بكلمات غير مهمة، كانت تجربة عطنة مثل هواء المسالخ لكني بعدها تساءلت: هل ما كتبته يخص الصخرة بالذات أم هو لأي عابر يأتي من بعدي؟ وبقدر ما تقاوم كلماتي المحفورة في الصخرة عوامل المحو في الطبيعة تبقى كتابتي طبيعية ومبررة، وأي عابر يأتي سيكون عبوره هو أيضا طبيعيا ومبررا، أظن بأننا نكتب لكل ما هو طبيعي في حضوره وغايته ولديه مبرراته في أن يكون كذلك.



متى تكتب؟

‏لم أسأل نفسي هذا السؤال أبدا، ربما أعرف الجواب لو سألت نفسي ماذا كنت أفعل في الماضي لأجيب عن متى أكتب، أما في اللحظة الراهنة فلا أدري، قد أكتب الآن، وقد أكتب بعد شهور أو بعد سنين، وقد لا أكتب على الإطلاق.

مجيء الفكرة لا يبرهن لي كم أنا ماهر في تحديد متى أكتب. هناك أفكار كثيرة في رأسي وأحسب أنها مهمة، لكنها لم ترشدني إلى التوقيت.



كيف تكتب؟

‏عندما أشرع في الكتابة، أسير على مراحل، كلما شعرت أنني شخت وكلما لحظت أن أوتار الكتابة توشك على التمزق، توقفت لأستعيد طاقتي ثم أستأنف، إنها مثل عملية عبور الماء غطسا، نحتاج إلى هواء فنرفع رؤوسنا فوق سطح الماء بحثا عن الأوكسجين.