أسئلة الكتابة الخمسة: عبدالغني كرم الله

الثلاثاء - 14 مارس 2017

Tue - 14 Mar 2017

730473_439
730473_439
الكاتب الذي كتب عن أوجاع ظهر حذاء ورحلته في أرجاء الدنيا في "آلام ظهر حادة"، وكتب رثاء لأمه وقلبها في روايته "قلب خشبي"، الكاتب الذي نعرف يقينيا أن لديه قدرة مضاعفة في رؤية العادي بطريقة مختلفة كإنسان يستطيع أن يكتب عن أي شيء ببساطة ورقة ودليل ذلك أنه يجعل من الجمادات أبطالا.



الكاتب السوداني عبدالغني كرم الله، مجيبا عن وحيه في الكتابة:



ماذا تكتب؟

أكتب عن الأطفال، حاليا، كي أمحو وعيا مكتسبا، بعد وعي فطري، غريزي، كان يملأ حسي، كنت بطلا، في عين أمي، وأخوالي، وأخواتي، ذات نضرة، قريتي هي قلب العالم، وأمي أجمل حواء، ربما هو السر وراء الكتابة للأطفال، العودة للدهشة، حتى للمسلمات.



لماذا تكتب؟

سؤال صعب، وسهل، وأزيده سؤالا آخر، أو أسئلة عدة، ربما يفسر السؤال السؤال، لماذا أجوع؟ لماذا أمل؟ لماذا أنوم؟ لماذا أخاف، ربما تبدو شيئا غريزيا، أن تكتب، تعبير عن الحياة، فالكتابة ليست سوى حلم يقظة، في أواني الحروف، ربما يشبه أحلام النوم "والتي تفرض نفسها كغريزة، ومخاوف وأحلام".



لمن تكتب؟

ربما تمتد إجابة السؤال الثاني، لهذا السؤال الثالث، بصورة أكثر تفسيرا، أكتب كي أشبع الجوع الغريزي للتعبير، أكتب كي أحارب الخوف داخلي، أكتب لنفسي هنا، ومع هذا، للكتابة شأن مع الأخر كأنها مرآة لك، كي ترى نفسك وكي يراك الناس معا، هي صورة لك، لسريرتك، كي يعلقها الناس في قلوبهم، ربما أكتب من أجل الحميمية، وربما أكتب كي أقول لهم "هذه سريرتي"، فدعكم من سيرتي.



متى تكتب؟

أكتب كما تكتب الفصول وترسم عوالمها على وجه الطبيعة، صيف وشتاء وربيع، إحساس ما، شعور ما، حال ما، يراودني فأجد نفسي بلا حول مني ولا قوة، ممسك بالقلم، كي أنزله في حقل الورقة، لحيظات من الاتساق بين القوى النفسية والفكرية والروحية، تجانس غريب وانسياب للعبارة كفتنة في أواني السطور، وأغلب أزمان كتابتي الصبح، أو عند المغربية، أو في قلب الليل، ربما للنجوم والأفلاك سبب.



ربما، وأحيانا أصوم عن الكتابة، بل أقسم بأني لم أكتب في حياتي وقلبي فارغ منها، أمرها عجيب، هي، رغم الممارسة، والخبرة والدربة فقد تستعصي عليك وتكتب بضاعة مزجاة، فالكتابة لها وقتها وإلهامها العجيب، أي العقل الباطن، فهو نبعها، وهي مثل ضربات القلب والنمو والإحساس، ولكن في سطور نزلت.



كيف تكتب؟

الأفكار تراودني بسرعة، وربما تمر بسرعة أكبر من وقت التدوين، فلذا تعمل الطباعة بسرعة في اللابتوب أو ورقة وقلم، تمر الأفكار والرؤى كالسحب على سماء الذهن أو شغاف القلب، فأدرجها في وقتها ولو عند النعاس أصحو وأسجلها، أحيانا أكتب كلمة منها، ربما يعود الخاطر بها أو تكون الكلمة مفتاح قصر الفكرة، وربما أكتب في ذهني، عشرات الأفكار والوقائع حتى أجد وقتا لكتابتها على الورق.



من طقوس كتابتي، ترك الموضوع لمدة أسبوع أو شهر والرجوع له، فإن كان لا يزال نضرا استمررت فيه وإن وجدته عاديا أتركه وشأنه، لأن العاطفة أحيانا تعظم النص، وحين تمضي يعود عاديا ومملا، كأنها حالات غيبوبة تريك كل شيء جميل، وحين تمضي الغيبوبة يعود الملل للنص.