إيمان صادق بالعمل

الاحد - 12 مارس 2017

Sun - 12 Mar 2017

يذكر أحدهم أنه لولا تزاحم الظروف غير المواتية، أو الظرف الصحي الذي ألم به، وفقدانه للطمأنينة هذه الأيام لفعل وفعل، ولرأيتم منه خيرا كثيرا!

غالب من قرأت لهم من علماء ومن أدباء ومفكرين يقولون: إن الإيمان بعمل ما هو ما يحمي الإنسان من مكاره اليأس والإحباط والنزوع للاعتذار والتملص من مسؤولية المواجهة مع العمل، رغم الإيمان به إيمانا جازما، لكنه عندما اخترم بيقين ضعيف سارت له ركبان الأعذار فلم يتقيها وليته لم يتلقاها!

إن تثبيت الهدف في الهم والقلب تحديدا أهم كثيرا من كتابته على ورقة قد تضيع وقد تنسى ومعها الهدف.

لا جرم أن العمل لما تصبو إليه هو من مثبتات العمل في القلب، وقد يبعد الهدف وقد يدنو تحقيقه لكن للظروف، ومشيئة الله أولا هي صاحبة التحكم والحكمة.

كم سمعنا عن أديب لم يكتب الله له شهرة إلا بعد موته!

وكم من روائي عالمي «ديستوفيسكي مثلا» كان لا يملك ثمن طباعة كتبه، فينتظر لذلك سنين حتى تسنح له فرصة لذلك فيما بعد، فطبعت وانتشرت في أصقاع أوروبا فيما بعد ذلك في بضع سنين أيضا، فاحتلت محلا في الوسط الأدبي لا ينازع على عبقريته أحد، ولكن لم تكن عالمية كما هي الآن الأكثر مبيعا في بعض المكتبات.

«تولستوي» روائي روسي أيضا بز أقرانه ورفع على عرش الأدب في زمانه - هكذا ذكر بعض نقاد الأدب الغربي - لم يستطع إكمال روايته لانشغاله بضائقة مالية ألمت به، وكان مقامرا فأفلس في بعض مقامراته، فتفرغ إلى إكمال روايته الشهيرة «القوزاق» بعدما استدان مبلغا من أحد أصحابه، وهو صاحب مطبعة، فظلت الرواية سنين حبيسة المطبعة كمخطوطة حتى طبعت وأخذ من ريعها فسددت ديون هذا الروائي العالمي.

أنا تحدثت عن مشاهير أدباء آمنوا بعملهم ورأوا أنه هو الينبوع الذي يفيض على الروح مشاعر الفوز وكسب الحياة.

إذن ما بال أقوام لديهم رسالة شريفة مقدسة لا يعملون لها عمل المؤمن بها ولو كان غيره ليس بمؤمن لها!

إن الحراك العملي الصادق أن ننهض ونحن متوشحين بالحزن، بل قد يكون سببا لإبداعك، خاصة عندما يكون كاتبا أديبا، ولك أن تقرأ للأديب الكبير حسن الزيات مقالته «إلى ابني الوحيد»، والذي مات بعدما علقت به النفس أربع سنين أو أكثر وأتاه على كبر من عمر فلم يقف بعد مقالته الحزينة، ولم يبق على معزوفة الحسرة والسخط، بل دأب يصدع في بقية مقالاته حتى خرج لنا سفره العظيم بـ»الرسالة» في أربعة أجلاد حازت جائزة الأدب العربي وذلك لقيمتها معا بأفراحها وأتراحها.

ومضة:

بالدعاء تتجرد النفس من قوتها وشوائبها المشؤومة فتنزع عنها الحول والقوة إلا بحبل من الله، وبالعمل تفوق النفس الصغار وتبحر نحو الهدف رافعة شراع الإرادة، مخترقة أمواج التوجس بصدق عزيمة.

أخيرا: هأنذا أنحني على أوراقي وأميل إلى كتبي أستغفرها مما أبديت من غضاضة وإعراض.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال