التستر التجاري جريمة

السبت - 11 مارس 2017

Sat - 11 Mar 2017

يعد التستر التجاري من أعظم الآفات الاقتصادية التي تعاني منها دول العالم، وتعد السعودية من أكثر الدول تأثرا بجريمة التستر، إذ يكلف الدولة أكثر من 200 مليار سنويا حسب الإحصائيات الرسمية، ناهيك عن الأضرار التي تتبعه من غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجودة السيئة للمنتجات والمنافسة التجارية غير العادلة للمواطنين والتهرب الضريبي والزكوي.

‏ولهذا شرعت الجهات التنظيمية في المملكة بسن نظام التستر التجاري في عام 1425، والذي جعل من التستر التجاري جريمة تصل عقوبتها إلى السجن لمدة عامين وغرامة بقيمة مليوني ريال.

ومنذ إقرار النظام وإلى الوقت الحاضر ووزارة التجارة تحاول مشكورة القضاء على آفة التستر، ولكن الأرقام الصادرة من الوزارة لا تتناسب مع كمية التستر الموجودة على أرض الواقع، ففي الإحصائية الأخيرة من وزارة التجارة قالت إنها أحالت 450 حالة فقط لهيئة التحقيق والادعاء العام، بينما حالات التستر في أرض الواقع بالآلاف وفي ازدياد مستمر؛ ولعل من أسباب ذلك قلة الكوادر المتخصصة في التفتيش وعدم تناسب قوة النظام مع التستر الموجود في أرض الواقع.

فالعقوبة المالية المقررة لا تتناسب مع حجم التستر، والتي قد تصل إلى مئات الملايين، وعقوبة السجن والتي قد يشملها العفو الملكي، وعملية الضبط والتحري والتي يمكن وصفها بالبدائية، وعدم وجود آلية تعاون مع الجهات ذات العلاقة وصعوبة شروط الاستثمار والتي ساهمت في انتشار التستر.

لذا إن أردنا القضاء على التستر التجاري فإنه يجب علينا إعادة صياغة نظام التستر التجاري ليتواءم مع خطة التحول الوطني ويجابه انتشار التستر.

ولهذا بدأت وزارة التجارة في السير على خطى الإصلاح، فقبل أيام خرجت مبادرة (البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري) واحتوت المبادرة على 6 إجراءات رئيسية، وهي مراقبة مصادر الأموال من خلال فرض فتح حسابات بنكية للمنشأة التجارية وضرورة التعامل بالفواتير مما يقلل من الحوالات الخارجية، وتوفير معلومات دقيقة عن الممارسات التجارية المخالفة ومعالجتها ورفع مستوى الخدمة المقدمة للمستهلك، وتوحيد الجهود بين الجهات الحكومية في مكافحة التستر التجاري، وتوطين الوظائف، وتوفير منافسة عادلة في القطاع التجاري.

أخيرا:

إذا أردنا القضاء على التستر فلنفتح أبواب الاستثمار للمقيمين، وخصوصا (المواليد) منهم، ونعدل من وضعهم مما سيسهم في انضباط وازدهار الاقتصاد الوطني وتحريك عجلته.