حاول أن تفكر خارج الصندوق!

الجمعة - 10 مارس 2017

Fri - 10 Mar 2017

أعتقد – ولست جازما – أنه لا توجد مدينة في أي دولة في العالم إلا وتعاني من مشكلة الحوادث المرورية التي تزداد عاما بعد آخر، ومن المؤكد أنها تمثل عقبة كبرى لإدارات المرور تستدعي عقد الاجتماعات وورش العمل لمناقشة الطرق غير التقليدية للحد منها، وبلا شك أن كثيرا من المسؤولين لا يبخلون على إداراتهم في عقد الاجتماعات التي تستغرق ساعات طويلة من أوقاتهم لكنهم يخرجون في نهايتها – حسب اعتقادي – بأفكار وحلول تقليدية أغلبها تدور حول وضع كتل خرسانية (صبات) في تقاطعات الشوارع التي تزداد فيها الحوادث المرورية أخذا بالمثل الدارج «الباب اللي يجيك منه الريح سده واستريح»!

لكن هناك دائما من لا يرضى بالحلول التقليدية المعتادة ويأبى إلا أن يفكر خارج الصندوق ويتطلع إلى الإبداع والابتكار والتطوير من ذلك ما قمت به إدارة المرور في مدينة لشبونة البرتغالية عندما واجهتها مشكلة بسيطة في نظر الكثير حيث لاحظت تزايد الحوادث المرورية بسبب عدم التزام المشاة بالوقوف عند الإشارة الضوئية الحمراء الخاصة بالمشاة؛ لم تلجأ إدارة المرور إلى الحلول التقليدية المعروفة لدى إدارات المرور الأخرى، لكنها أرادت معرفة أسباب المشكلة أولا ثم وضع حلول مبتكرة لها!

أجرت إدارة المرور دراسة لمعرفة أسباب عدم توقف المشاة عند الإشارة المرورية؛ فكانت إجابات الكثير من الأشخاص أن الانتظار عند الإشارة المرورية ممل وخصوصا عندما لا تكون هناك سيارات تعبر الطريق؛ وعندما تعرفت على أسباب المشكلة تعاقدت مع إحدى الشركات المتخصصة لوضع حل لها يضمن سلامة المشاة وعدم تعرضهم للحوادث مستقبلا!

قامت الشركة بابتكار حل فريد لإقناع المشاة بالتوقف عند الإشارة الضوئية من خلال جذب انتباههم حيث اختارت الشركة أحد التقاطعات الرئيسية المزدحمة بالمشاة في مدينة لشبونة ووضعت إشارة ضوئية ذكية؛ وأنشأت بجانبها صندوق (كشك) مغلقا مزودا بكاميرا يستطيع المشاة الدخول إليه وتأدية حركات راقصة؛ فتظهر حركاتهم على شاشة الإشارة الضوئية ويشاهدها المشاة!

استطاعت الشركة بهذا الحل المبتكر أن تقنع المشاة بالتوقف عند الإشارة الضوئية الحمراء لمشاهدة الحركات الراقصة خلال فترة انتظارهم وقد أدى هذا الحل إلى انخفاض مخالفات تجاوز المشاة للإشارة الضوئية الحمراء بنسبة 81%!

أخيرا...ابتكار الحلول والأفكار ليس حكرا على أحد؛ بل يمكن تعلمه والتدرب عليه ولكنه يتطلب العمل بقواعد أربع تسمى قوانين «ألكس أوزبورن» التي وضعها في كتاب سماه «التخيل التطبيقي» أولها: لا تنتقد الفكرة مهما كانت تافهة أو مستحيلة، فما تراه مستحيلا وغير قابل للتطبيق يراه غيرك واقعيا يمكن تطبيقه؛ وثانيها: التفكير خارج الصندوق بمعنى أنه كلما كانت الفكرة غير تقليدية وغير معتادة كان ذلك أفضل لحل المشكلة؛ وثالثها: التركيز على الكم فالعدد الكبير من الأفكار يزيد من فرص الوصول لحل إبداعي مبتكر؛ وكلما زاد عدد الأفكار كان الوصول لحل فعال أكبر؛ ورابعها: دمج وخلط الأفكار المتقاربة مع بعضها للحصول على فكرة واحدة أفضل!