فاتن محمد حسين

كيف نكون قدوة؟.. استراتيجية بناء الإنسان

الجمعة - 10 مارس 2017

Fri - 10 Mar 2017

أطلق صاحب السمو الملكي مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل المشروع الإنساني الحضاري، (القدوة الحسنة) في إطار خططه الاستراتيجية في (بناء الإنسان وتنمية المكان)، فقد شهد مشوار تنمية المكان قفزات نوعية، وكان لا بد من تنمية إنسان المنطقة بنفس تلك الوتيرة المتسارعة، فكان مشروع القدوة الحسنة الذي وضع له لهذا العام عنوان تساؤلي: كيف نكون قدوة؟ وهو ما سيجيب عليه المجتمع بكافة أفراده وأطيافه وطبقاته.



ولتنفيذ المشروع وفق رؤية، ورسالة، وأهداف استراتيجية دقيقة أنشئ (ملتقى مكة الثقافي) بهيكل تنظيمي ولجان حددت منهاجها ومهامها بدقة، وتتبع تلك اللجان، اللجنة الإشراقية العامة بقيادة (القدوة) صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل.



ومن وجهة نظري فإن ترؤس سموه للمشروع يعني - بإذن الله تعالى – نجاحه، فحينما تكون القيادة نشطة، متابعة، متفائلة بالنجاح فإن كل فرق العمل ستعمل وفق هذا الأنموذج الناجح.



وقد لخص سموه استراتيجية نجاح البرنامج عند افتتاحه (ملتقى مكة الثقافي) حينما قال: «ديننا الإسلام، ودستورنا القرآن والسنة، ومناهجنا إسلامية، كذلك حياتنا إسلامية، فكيف لا نكون قدوة؟ ولو طبقنا مزايا إسلامنا لأصبحت مدننا أفضل المدن، وإداراتنا أنشط الإدارات، وأصبحت إنجازاتنا الأعظم «. ولعل هذه الأسطر تستحق أن تحفر بماء الذهب وتوضع عند باب كل منشأة حكومية وخاصة، لتكون تذكرة لمن هوستهم الحضارات المختلفة فشرقوا وغربوا أنفسهم وغيرهم، ممن يقتدون بهم، وأخذتهم لوثة التمدن الزائفة، ونسوا أن ديننا الإسلامي الحنيف هو أساس الحضارة الإنسانية، وأن كتب علماء المسلمين لا زالت تدرس في أرقى الجامعات الأوروبية والأمريكية.



وحقيقة فإن شراكة أكثر من 61 جهة في المشروع من القطاعات الحكومية والخاصة في برامج ملتقى مكة الثقافي وفعالياته المختلفة، يعني إشراك المجتمع بأكمله وتحمله المسؤولية بتطبيق القدوة الحسنة على أرض الواقع، فليس من المنطقي أن تقدم نظريات في القدوة الحسنة دون وجود القدوات الحقيقية في البرنامج، فكل مسؤول، وكل معلم، وكل قائد مدرسة، بل حتى الآباء والأمهات وأئمة المساجد، والخطباء، وأساتذة الجامعات، ورجالات الأمن، والمثقفون، هم في موضع المسؤولية ليكونوا قدوة حسنة لغيرهم، لكي نصل للتغيير المطلوب في السلوكيات والتعاملات، فلو بدأ كل فرد بنفسه في أن ينظر إلى سلوكياته وتعاملاته، ويعلم أنه مراقب من كل من حوله؛ فكل فرد في المجتمع هو مسؤول ليكون القدوة الطيبة.



ولقد جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين لأبنائه الطلبة المبتعثين في ماليزيا بقوله: «أنتم من بلاد قبلة المسلمين فكونوا قدوة لمن يراكم». لهي دعوة صادقة لكل شباب الوطن في الداخل والخارج لأنهم يمثلون بلاد قبلة المسلمين، وهي خصوصية اختصنا الله بها عن سائر المجتمعات الأخرى، فلا نضع من الترفيه لشبابنا ما يشوه قيمنا وأخلاقنا بدعوى التمدن والرقي، لأنهم سيصبحون نماذج مشوهة وستضيع القدوة الطيبة بين متاهات التغريب.



وإذا كان تقديم الندوات والمحاضرات والمعارض وحلقات النقاش في كافة القطاعات المعنية هي من ضمن برامج (كيف نكون قدوة؟)، ولكن ما يجب أن نركز عليه - أيضا - هو إدخال فنون المسرح في هذه البرامج لأنه توجه رسائل غير مباشرة، فالوعظ المباشر أحيانا يكون غير متقبل، وخاصة من الشباب. ولكن التعبير عن القيم الأخلاقية من قبل الشباب أنفسهم وعلى المسرح هو: أسلوب تدريجي في تعديل السلوكيات، والتعبير عن الذات، وهو مهم في بلورة شخصية الشباب نفسيا واجتماعيا ووجدانيا.



كما أن الأسبوع الثقافي فرصة طيبة للترفيه الجميل (البريء) لأنه سيضم العديد من المعارض، والمسابقات، والجوائز لتحفيز الشباب على الإبداع في كافة المجالات الأدبية والفنية والثقافية مثل: مسابقات لأجمل مقطع فيديو قصير عن القدوة الحسنة، أو أجمل لوحة، أو أجمل مقطع صوتي.



ما نأمله - أيضا - مشاركة القطاع الخاص وتحمله لمسؤوليته الاجتماعية في دعم هذه البرامج والأنشطة ماديا، لأن أي تغيير اجتماعي وارتقاء للمجتمع سيحسب له، باعتباره الشريك الحقيقي في تنمية الوطن وحسب رؤية المملكة 2030م.