حنان المرحبي

خاطرك متشتت!

الجمعة - 10 مارس 2017

Fri - 10 Mar 2017

لا يوجد شك أن امتلاك الإنسان لنظرة مطلعة، ومواكبة للمجريات المتسارعة أمر مهم كي يبقى مدركا للتحديات والفرص الناشئة أو المختبئة في المستقبل، وتحقيق السبق في الوصول إليها، وتحسين ظروف الحياة سواء على الصعيد الشخصي أو المهني، أو ريادة الأعمال. ولكن هذه الطريقة في التفكير تتضمن أيضا جوانب سلبية، من أهمها التشتت وصعوبة التركيز، وزيادة حالات عدم التأكد، والتوتر والقلق.

كنت في السابق أعتقد أن المعرفة تعطي الإنسان قدرة أعلى لأن يكون بناء ومستقرا، ولكن اليوم أرى شيئا مختلفا. كلما اتسعت فرص الشخص للاطلاع على أوعية معلوماتية أكبر ومتجددة كبرت أعداد المدخلات المعلوماتية للدماغ، وزادت حاجته لبذل طاقة أكبر في التحليل والتفكيك والمعالجة والفرز والتصفية، وعلى أن يتكرر ذلك بشكل سريع ومستمر كي يصل الشخص إلى حلول متطورة ومبتكرة ورائدة.

وبيئة الأعمال تعكس هذا الواقع اليوم، فنحن نشهد انتشارا ملحوظا في اعتماد المنشآت على قواعد البيانات وتطبيقات تحليل البيانات، وزيادة الطلب على المتخصصين في هذه المجالات وعلى الخدمات الاستشارية، ونشوء مفاهيم حديثة كمفهوم Business intelligence واعتماده بالاستراتيجيات. والهدف هو قراءة المجريات والأحداث الراهنة، والتنبؤ بالمستقبل وفرصه بجمع وتحليل الملايين من البيانات الرقمية وغير الرقمية، التاريخية والمحاكية للمستقبل، لتخفيض حالات عدم التأكيد وزيادة فرص التركيز والنجاح.

دعوني أركز قليلا مقالي وأتطرق للجانب المهني للشخص. التركيز اليوم أصبح هدفا في حد ذاته ومطلبا نسعى إليه ونضحي بالكثير لأجله. وهو أمر مهم جدا إذا ما تطرقنا للإنتاجية، فالعلاقة طردية، إذا ارتفع التركيز ارتفعت الإنتاجية. ولكن تقلب الظروف وسرعة دخول وخروج المعلومات تضيف إلينا المزيد من الحيرة والتشتت وطول التفكير، وهي عوامل تبطئ الإنتاجية. وهذه العقول التي نباهي بها المخلوقات الأخرى في قواها الخارقة في تكوين المفاهيم واستدعائها (تذكرها)، وإفراز الأفكار وتحليلها ومعالجتها، وصناعة المعلومات والرؤى أصبحت تعاني اليوم العجز وتعتمد على التكنولوجيا في الكثير من جوانب الحياة لتضخم أوعية المعلومات وتوفرها، وسرعة تجددها، ولأجل الوصول إلى الحلول المثلى (الأسرع والأكفأ). ولو توصلت التكنولوجيا إلى طريقة لربط الأعصاب البشرية بشرائح المعلومات لأجل مثلا تقديم حل يمكننا من مسح الكتب وتحميلها بالدماغ من دون أن نقرأ كلمة لاقتنينا الخدمة وأنزلنا في أدمغتنا ملايين الكتب، بل وتنافسنا في ذلك! أليس تخيل ذلك مغريا!.

فقدت التركيز مجددا عما كنت أريد قوله، دعوني أعود للحديث في تأثير ازدياد الحيرة والقلق والضغوط على إنتاجية الفرد. يقول أحد المختصين: يقوم الجهاز العصبي بتوجيه الجسد إلى حالة الشعور بالضغط النفسي والتوتر في الأوقات التي تكثر فيها المهام والمسؤوليات. وتؤكد المختصة Amy Gallo بأن الحالات النفسية الناشئة عن الحيرة لها تأثير مباشر على معدلات الإنتاجية، وتنصح بالتالي: اعتن بصحتك أولا إذا أردت المحافظة على تركيزك وإنتاجيتك، تعرف على مصادر القلق، سم مشاعرك المختلفة، انظر كيف يمكنك أن تجعلها منسجمة مع قيمك لتستعيد تركيزك (فقيم الإنسان تعينه على معرفة ما يريد وما لا يريد ليبقى مركزا). لا تتجاهل وجود الحيرة والقلق وانعدام الرؤية حول قرار مصيري، وفي نفس الوقت ركز على كل شيء تملك السيطرة عليه وانطلق من عنده. وأخيرا، النوم الكافي والتغذية السليمة والرياضة أمور أثبتت الدراسات أنها تساعد على التحكم في الضغوط وترفع الإنتاجية.

[email protected]

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال