أسئلة الكتابة الخمسة: إبراهيم عباس

الخميس - 09 مارس 2017

Thu - 09 Mar 2017

حين تمارس الكتابة بشغف سترى كيف أن كل باب طرقته في ذهنك كان عبورا لألف حرف ذي معنى، وسترى كيف أنك بنيت لنفسك جسرا يصلك إلى الغرابة. هكذا جاء إلينا الروائي إبراهيم عباس، الذي يتعمد أن يكون مختلفا عن المعتاد، أن يكون مدهشا للحد الذي يملؤك بالتساؤلات كقارئ، للحد الذي ندعوه لإشباع فضولنا فيجيب:



ماذا تكتب؟

أريد تحوير السؤال ليصبح «ماذا تصنع؟»

أهوى صناعة العوالم، والكتابة هي الوسيلة الوحيدة المتاحة لخلق تلك العوالم بأبعادها وتفاصيلها بدون قيود. وجدت نفسي في خانة تمزج بين العلم والخيال، والواقع والفانتازيا، زجني إليها الشغف وكتبت من داخلها جميع رواياتي، رواية حوجن، تلتها رواية هناك،وختمت السلسلة برواية بنيامين.



لماذا تكتب؟

لماذا أتنفس؟ كي أعيش؟ أم لأن دماغي يرسل أوامره العصبية إلى حجابي الحاجز فينقبض وينبسط معتصرا رئتي في كل شهقة وزفرة؟ أنا أكتب مضطرا، أحرر الأفكار على الصفحات كي لا تتصدع جمجمتي، وفي نفس الوقت أقتات على إسعاد الآخرين، باستفزاز أفكارهم واستثارة وجدانهم. لأن الأفكار تفعل بعقلي ما يفعله الحجاب الحاجز برئتي، لأن هناك الكثير من العقول تستحق أن تخلق لها عوالم تحلق فيها وتستمتع بها وتخلط لوهلة بينها وبين العالم الحقيقي.



لمن تكتب؟

لعقلي ووجداني ومن سأكون عليه مستقبلا، على أمل أن أنسى ما كتبته وأعاود الاطلاع عليه كقارئ. لصديقتي التي صادف أن تكون زوجتي أيضا «مينه»، وقرتي عيني: ماريا وأماليا. لكل من ولج عالما صنعته كلماتي واستمتع به وبها، وحملني بالتالي مسؤولية صناعة المزيد من العوالم تضمن له متعة متنوعة متجددة. لكل من أحاول استدراجه إلى تلك العوالم، وحبسه بداخلها لاهثا مستمتعا منبهرا.



متى تكتب؟

أكتب ألف كلمة يوميا في المعدل، ما بين إعلانات وروايات وسيناريوهات، وأستغل كل لحظة لا أنشغل فيها بالكتابة، أو بالتفكير فيما أكتبه. ولكن، هناك لحظات تكتسب فيها الكتابة طعما مميزا، تكون مباغتة عندما يلتقي سكون الكون بسكون الذهن، عندما ألتقي بمن يملك شغفا يتجاوز شغفي بما أكتبه، وأهوي في جرف من الأحداث وأفشل في الصعود إلى أرض الواقع.



كيف تكتب؟

الروائي عندما يكتب يضطر لارتداء عدد من القبعات: قبعة المصمم، والمهندس، والمخرج، والمصور، وفني الديكور والأزياء والمكياج، والممثلين (لكل ممثل قبعته/‏قبعتها) وفوقها جميعا يحشر قبعة الكاتب، على الكاتب أن يتقن جميع تلك الفنون قبل أن يقتحم عوالمه، يبحث ويدرس كل ماله علاقة بذلك العالم وأحداثه، لقد تحولت إلى ميت عندما كتبت هناك، وكفيف عندما كتبت بنيامين، وجني عندما كتبت حوجن. أكتب بعد أن أبحث بشراهة وشراسة عن كل فكرة تثري ما أكتبه وتزيد من مصداقيته، وأخيرا الكتابة.أنا أصور ما أريد كتابته في ذهني مرارا، كمخرج يشاهد فيلمه ويعيد إنتاجه في كل مرة يشاهده فيها حتى يوافق أخيرا على نقله من السينما الذهنية إلى الورقة والقلم، أو في حالتي الكيبورد والشاشة.