فايع آل مشيرة عسيري

المسرح المهجور!

الخميس - 09 مارس 2017

Thu - 09 Mar 2017

عقود من الزمن مضت وما زال المسرح بعيدا عن المشهد الثقافي، بعيدا عن الاعتراف به ومنحه الكثير من الاهتمام والعناية، ودعمه بكل ما من شأنه المضي به نحو التصدر، فهو «أبوالفنون» ومحور ارتكازها، هذا المسرح الذي بات في يومنا هذا مسرحا للعزلة والتغييب والإقصاء القسري مع الأسف، مما انعكس عليه انعكاسا خطيرا وبات فقيرا يتسول خشبة ونصا وأحداثا وصراعا في عيون العابرين، المسرح الذي صار غريبا بين بقية الفنون وعالة على المشهد الثقافي كما قالها لي أحد المثقفين في حديث عابر!

وهنا تبدأ الملامة المجتمعية بين وزارة الثقافة والإعلام والجامعات السعودية، لا سيما وأن المسرح هو أبجديات الانطلاق والتصحيح والمسار الفني الحقيقي وعمق الرؤية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والفنية، هذا المسرح المختبئ في جلبابه المرتق بأوجاع الإهمال ومشكلات التسويف والوعود دون عمل حقيقي واضح على أرضية الميدان والواقع!

عاشقون مهووسون بالمسرح تشبثوا ببقايا هذا المسرح فهاجروا إليه فكرا وطرحا ورأيا ووجدوه وطنا وبوحا وروحا وجسدا، بل إن بعضهم يسكنهم المسرح ويسكنونه!

المسرح الذي عانى كثيرا ومعها كان في منفى التفردية المعطوبة بالأشخاص والأعمال الارتجالية، الفردية والفكر الأحادي والذي يفتقد المظلة الرسمية القوية الداعمة له ماديا ومعنويا، ومعها كان المسرح أشبه ببنيان قصر عظيم تهدمت أسقفه وبقيت أركانه تنعاه ليلا ونهارا!

أصبح المسرح مهجورا بين أهله في الوقت الذي يرى فيه التلفاز وكثافة ما يطرح والعقود الخيالية التي يسيل لها اللعاب، فيشعر في زواياه المظلمة بغصة تتناوب عليه كلما نظر إلى شح الدعم من وزارة الثقافة والإعلام والقفز عليه وإسقاطه من قائمة الفنون وهو المعلم والمدرسة والجامعة لكل الفنون، بل هو الأب الذي لم يبره أولاده؟!

المسرح هو الجامعة التي تخرج فيها أرباب التلفاز بكل توجهات الدراما واختلاف مشاربها، ناهيك عن سذاجة بعض ما يطرح في التلفاز وافتقاره للدراما الحقيقية التي أصبحت لدى الكثير تقاس بالمزاجية والإنتاجية الدعائية والمكاسب المادية، والمادية فقط!

المسرح هو ثقافة الشعوب ورسالة الأوطان في عرف الفنون والثقافات العالمية في الوقت الذي يختبئ فيه مسرحنا السعودي في دهاليز جمعيات الثقافة والفنون!

جمعيات رعاية الفقراء والمساكين والمعوزين وقصور ذات اليد ومسرحنا المختبئ ما زال ينظر للعالم من حولنا وكيفية التعاطي مع رفقاء دربه من المسارح الأخرى والتي تحظى بمعاهد للفنون والتخصصات الجامعية والتي وللأسف حجبت وحجب معها رحلات الابتعاث الخارجي التي تسهم في تطوير الفن المسرحي الذي بات رمانة الميزان الفني!

تنطرح أسئلة كثيرة على خشبة مسرحنا السعودي لترسم الكثير من القضايا والأحداث والشخوص والضوء والعتمة والحلم والحقيقة وقبل النهاية هل سيرى مسرحنا المريض نور الشفاء؟ وهل ستعود له الحياة وينبض قلبه بالعطاء وحلمه بالحياة؟ أم هي صحوة ما قبل الموت كي يخبرنا بأن يدفن هنا؟

ومضة: يقول الفيلسوف علي الهويريني:

في خشبة المسرح..

ضربوا للحمق بي المثلاتي

وأنا أصفى من مرآتي

ليروا فيها أنفسهم أقلاما ودقا

وسناء أمجادا وشخوصا

تصنعها أدواتي

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال