هيئة الترفيه وضرورة الشراكات مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

الخميس - 09 مارس 2017

Thu - 09 Mar 2017

أقر وأعترف، بادئ ذي بدء، بأنني فرحت وتفاءلت بإنشاء الهيئة العامة للترفيه لكن في الوقت نفسه تناهشتني الشكوك حول دورها المرتقب، وحول الترفيه الذي يمكن أن توفره للمواطنين. وأشفقت على الهيئة الوليدة في ضوء المواقف المجتمعية الصعبة التي عشناها خلال الـ30 عاما المنصرمة. هذه السنوات الصعبة كانت نقيضا للمجتمع في الزمان الغابر حيث السماحة والحرية رغم قيود الفقر المدقع.



وأذكر أنني في الزمن الماضي الجميل في مدينة جدة كنت أمرح وأقضي أجمل الأوقات في اللهو البريء بدون خوف من الشيوخ ذوي اللحى الطويلة والثياب القصيرة وهم يهشون الناس بعصيهم وكأنهم بهائم سائبة. وأذكر تماما ذهابي إلى سينما جمجوم مع الوالدة العزيزة التي كانت مغرمة بشكل خاص بأفلام جيمس بوند. وأذكر جيدا أنني ذهبت إلى حفل الفنان المغربي عبدالوهاب الدوكالي الذي سحر جمهور الحضور بأغنيته الخالدة «مرسال الحب» التي ما زالت تعيد لي سيلا من الذكريات الجميلة كلما استمعت لها. وقد أقيم هذا الحفل الساهر الذي حضرته أعداد غفيرة من الجداويين على مسرح وزارة المعارف في حي البغدادية بجدة.



كانت تلك أياما جميلة وكانت العائلات تستمتع معا بكل المناسبات، مما يمنحها السعادة ويوفر لها الترفيه الذي بسبب غيابه الطويل أنشأنا له هيئة خاصة!

والحقيقة أنا متفائل بهذه الهيئة ويحدوني أمل كبير في أنها لن تألو جهدا لإعادة الترفيه لحياتنا الرتيبة، مما يغني كثيرين عن السفر إلى الخارج بحثا عن إجازات سعيدة وأوقات ممتعة، وقد أحيا إنشاء الهيئة في نفسي الأمل بأن الأيام السعيدة قادمة بإذن الله.



والشعب السعودي في عمومه شعب يحب السعادة والترفيه والأوقات الجميلة، وليس أدل على هذا من الليلة الموسيقية التي أحياها المؤلف الموسيقي والمايسترو المصري عمر خيرت في جدة مؤخرا. وحضر هذا الحفل الأنيق رجال ونساء جدة الذين وصفوه بأنه كان حفلا متميزا وراقيا أعاد إلى الأذهان حفلات كوكب الشرق الراحلة السيدة أم كلثوم، كما أعاد إليها جمال ورقي الثقافة السعودية القديمة وأيامها الخوالي.



وأنا متفائل برئيس الهيئة الأستاذ أحمد عقيل الخطيب وأعضاء مجلس الإدارة الآخرين، لأنهم جميعا من مجالات وتخصصات مختلفة، ومستوى المواطنة عال عندهم، والحمد لله مجلس إدارة هيئة الترفيه، ليس كمثل بعض مجالس الإدارات الأخرى المليئة بالأقارب، والمحاسيب، والأصدقاء والمعارف يقومون بمجاملتهم.



أما هيئة الترفيه فيجب ألا تنساق وراء هذه الظاهرة التي هي نوع من أنواع الفساد.



ولا أقصد هنا الفساد المالي بأي شكل من الأشكال، ولكن المحسوبية والواسطة والروتين الذي هو أيضا شكل من أشكال الفساد.

ويجب ألا تعمل الهيئة على اعتبارها جهة منظمة فقط لكن أن تكون أيضا محفزة وداعمة للنشاطات الترفيهية الأخرى، وأن توفر البيئة التي تساعد الناس في الحصول على السعادة وأن يحيوا حياة طبيعية صحية، وأن تعمل الهيئة بكل جهدها على أن تجعل الترفيه جزءا من رؤية 2030.

لقد كان لدينا ما يكفي ويزيد من التعاسة والضغوط الناجمة عن «افعل ولا تفعل» ولا نريد أن نسمع بعدئذ العبارة الشهيرة «مو وقته».



وإذا كنت شخصيا عاشقا للممثل العالمي آل باتشينو وأود كثيرا أن أسمعه وهو يردد سطورا من «عطر امرأة»، وإذا كنت أيضا من المعجبين بالإعلامية الشهيرة أوبرا وينفري إلا أن هذا لا يعني أن تنكفئ هيئة الترفيه على الاستلاف من الغرب، لكن عليها أيضا أن تنظر شرقا لآسيا التي هي مركز الثقافة والحضارة والموسيقى.



لماذا لا ندعو الموسيقيين الهنود لإقامة الليالي الموسيقية؟ لماذا لا ندعو أميتاب باتشان الذي هو أشهر من كثير من الممثلين الأمريكيين عندنا في منطقة الخليج؟ لماذا لا ننفتح أيضا على أدوات الترفيه في اليابان، وإندونيسيا، وماليزيا، وكوريا وغيرها؟



وعلينا أيضا أن ننظم الرحلات السياحية والبيئية، منها رحلة عبر صحراء الربع الخالي وزيارات لشواطئنا الجميلة وغاباتنا الكثيفة.

وفي مساعيها لتوفير الترفيه للمواطنين يجب ألا تنسى الهيئة المقيمين عندنا، فهم قد أصبحوا شريحة مهمة في المجتمع، ويجب أن نجعلهم ينفقون مدخراتهم في بلادنا بدلا من السفر بها إلى الخارج.



وأمام الهيئة الآن فرصة ذهبية لمساعدة المنشآت المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، كما أن هناك شركات العلاقات العامة، وإقامة مناسبات تملكها وتديرها شابات سعوديات يمكن للهيئة الاستفادة منها.



إننا في مواجهة تحديات كبيرة وتحولات اقتصادية ضخمة لن نتمكن من مقابلتها بكفاءة واقتدار ما لم نشرك شبابنا المؤهل والمقتدر من الجنسين، خاصة أنهم على استعداد تام لخدمة وطنهم والإسهام الفاعل في تنميته.



[email protected]