عبدالله محمد الشهراني

العقد أم مستقبل البلد!

الأربعاء - 08 مارس 2017

Wed - 08 Mar 2017

كان ياما كان في حاضر الزمان، رجل يدعى فرانك تم تعيينه حديثا مديرا عاما لمطار عاصمة دولة الواق واق، يحمل مؤهلا ممتازا وخبرة جيدة في نفس المجال، تعاقد المسؤولون مع فرانك طالبين منه تحقيق أهداف معينة خلال فترة زمنية محددة، باشر فرانك عمله بجد واجتهاد، جاعلا نصب عينيه تحقيق الأهداف المطلوبة منه، أحضر فرانك عائلته المكونة من زوجة وابن يدعى براين، التحق براين بإحدى جامعات البلد لدراسة الماجستير، وخلال الدراسة في الجامعة تعرف على أصدقاء جدد من أهل المنطقة، كان أكثرهم التصاقا به شاب يدعى أمين، تخصص أمين وبراين في الجامعة إدارة واقتصاد، وطلب منهما كمشروع تخرج “رسالة ماجستير” دراسة مشكلة اقتصادية في البلد وإيجاد الحلول المناسبة لها. تذكر براين أن تعيين والده كمدير عام لمطار العاصمة كان بسبب مشكلة اقتصادية في البلد، طلب براين من والده المساعدة بحيث تكون هذه المشكلة هي موضوع رسالة الماجستير له ولصديقه أمين.



المشكلة هي، أن البلد توسعت في مجالي السياحة والصناعة، مما ترتب على ذلك زيادة كبيرة في عدد المسافرين لم يستطع المطار استيعابها، وبعد دراسة المشكلة اتضح أن صالات المطار تستطيع استيعاب العدد المتوقع من المسافرين، لكن وبسبب وجود مدرج واحد فقط -تتزاحم عليه الطائرات في الإقلاع والهبوط- نشأت المشكلة، لذا قرر السيد فرانك إنشاء مدرج جديد، وحصل على جميع الموافقات المطلوبة والمبالغ اللازمة لبدء المشروع، كما قام بتعيين مدير للمشروع من خارج البلاد. هذا على أرض الواقع لكن في رسالة الماجستير كان الوضع مختلفا!، وبعد دراسة المشكلة بتمعن تبين أن المطار بحاجة إلى مدرجين إضافيين وليس واحدا فقط، وأمور أخرى أظهرت الدراسة الاستغراب تجاهها، لذا قام براين بطرح عدة أسئلة على والده فرانك لعله يجد مبررات لتلك الأمور التي تثير الدهشة والاستغراب!



نص الحوار:

براين: إذا كان سبب المشكلة واضحا جدا فكيف لم يتم اكتشافه إلا مؤخرا؟

فرانك: لقد تم اكتشاف المشكلة قبل مجيئي بعامين، لكن لا أعلم لماذا لم تعتمد لها الحلول!

براين: لماذا قمت يا أبي بتعيين شخص من خارج البلاد مديرا للمشروع؟

فرانك: في المنطقة كفاءات يمكنها تولي المشروع دون الحاجة إلى تعيين شخص من خارج البلاد، لكنها بحاجة إلى التدريب وفرص لإثبات قدراتها، لكني في الحقيقة غير مطالب في العقد بتنمية وتطوير الكوادر المحلية، ولا أود صرف مبالغ من الميزانية وإضاعة الوقت في أمر أنا غير ملزم أو مطالب به.

براين: إن المطار في حاجة إلى إضافة مدرجين وليس واحدا فقط فلماذا كان قرارك يقتصر على إنشاء مدرج واحد جديد؟

فرانك: اسمع يا بني، أعلم جيدا بأن المطار سوف يكون بحاجة ماسة لمدرج ثالث بعد 3 سنوات، وأعلم أيضا أن من الأجدى إنشاءه الآن بجوار المدرج الجديد، لكن وللمرة الثانية أقولها لك يا بني، أنا مطالب في العقد بحل المشكلة الحالية فقط، وحاجة المطار للمدرج الثالث سوف تكون بعد انتهاء عقدي، فلماذا أقوم بصرف مبالغ من ميزانية “فترتي” على أمور خارجة عن الأهداف المنصوصة في العقد والمطلوب مني تحقيقها!

نقل براين هذا الحوار الذي دار بينه وبين والده السيد فرانك إلى صديقه أمين والذي يشاركه في رسالة الماجستير.

علق أمين على إجابات السيد فرانك قائلا: إن والدك لم يخطئ في شيء، فهو غير معني بمستقبل البلد، ولا ليس مطالب بتنمية وتطوير الكوادر البشرية المحلية، لكني أتصور أنه لو كان مدير عام المطار شخصية محلية، لكان مستقبل البلد من أولوياته، واكتشاف الكفاءات وتطويرها من أهدافه وإن لم ينص عليها في العقد، لكنه وللأسف لن يجد الدعم والمساندة حينها، مثلما حصل تماما للمدير الذي اكتشف المشكلة قبل والدك السيد فرانك بعامين، بعكس الدعم الكبير والمساندة التي حصل عليها والدك الذي يملك عينا زرقاء وشعرا أشقر، أما نحن فالعين سوداء والشعر أسود (إن وجد).

ملاحظة: القصة خيال والرسالة حقيقة!!



[email protected]