على مستقبلنا السلام

الثلاثاء - 07 مارس 2017

Tue - 07 Mar 2017

تتردد على مسامعنا هذه الأيام وأمام أبصارنا جملة (كيف نكون قدوة) في الشاشات والإذاعات واللوحات الإعلانية بالطرق، بالإضافة إلى برامج التدريب وورش العمل والندوات والمحاضرات، وهي إحدى مبادرات إمارة منطقة مكة المكرمة، والتي تم تدشينها في مكتب الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة الذي قال حينها «ديننا الإسلام، ودستورنا القرآن والسنة، ومناهجنا إسلامية، كذلك حياتنا إسلامية، فكيف لا نكون قدوة؟ ولو طبقنا مزايا إسلامنا لأصبحت مدننا أفضل المدن، وإداراتنا أنشط الإدارات، ولأصبحت إنجازاتنا الأعظم».

علما أن المستهدفين في هذا المشروع هم الآباء والأمهات والمعلمون والخطباء وأئمة المساجد والقيادات بالقطاعات الخاصة والحكومية. ويتضح لنا مما سبق أن الهدف من هذه المبادرة (بناء الإنسان لتنمية المكان)، وهنا يكمن السر، مستقبل وطننا ومستقبل أبنائنا.

عند قراءة عنوان المبادرة أتذكر سريعا آيات الله في كتابه الكريم، والتي خاطب بها رسوله الأمي عليه أفضل الصلاة والتسليم، قائلا «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله». فالله عز وجل أكد في هذه الآية أن خير قدوة لنا هو المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأنه يحب من يقتدي به. من هذه الآية فقط تعلمنا أنه لا بد أن تكون لنا قدوة، وأن نكون قدوة لغيرنا، وعلمنا من هو قدوتنا، ولكن كيف نكون قدوة لغيرنا؟

اطلعت على بعض الدراسات والبحوث فكان أغلبها قريبا في النتائج، فمثلا، طبقت دراسة ميدانية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة على 400 شخص من طلبة وأعضاء هيئة التدريس وعاملين، بعنوان (التقليد في أنماط الحياة)، وبعد التشخيص الميداني وطرح الأسئلة تبين أن 47% من الناس يقتدون بالأهل والأقارب والأصدقاء المقربين، و33% يتأثرون سلوكيا وأخلاقيا بالإذاعة والتلفزيون بمن فيهم الشخصيات التي تظهر بها، و20% تتأثر بالصحف والمجلات، والتي هي بمثابة مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا لا يعني أن هذه الدراسة تنطبق علينا، فهي طبقت بمجتمع آخر، ولكن لضرب المثل فقط.

فكرة هذه المبادرة بكل اختصار هي تهذيب السلوك، وعلميا وبالمنطق (السلوك مكتسب)، وتتحكم بالسلوك عوامل عديدة أكثرها تأثيرا (التربية). ويتبين أن أهم مرحلة في بناء السلوك هي بداية العمر (أول 10 سنوات)، والدليل على هذا قول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم: «كل مولود يولد على الفطرة»، وبعد ذلك يبدأ الاقتداء بأقرب الناس إليه، والديه، إخوته، أقربائه، معلميه، وهكذا.

بدأت الإمارة بخطوة مباركة إلى الأمام رغم جهودها المسبقة في خدمة الوطن والمجتمع بشكل عام. ولا تكتمل هذه الخطوات إلا بتعاون منا. ومهما قدمت من برامج وفعاليات ولم تتحسن سلوكياتنا، فعلى مستقبلنا السلام.