هبة قاضي

أزمة نافعة

دبس الرمان
دبس الرمان

الثلاثاء - 07 مارس 2017

Tue - 07 Mar 2017

تحصل الأزمة الاقتصادية في كل البلدان ولا يسلم منها بلد مهما علا شأنه وقوي اقتصاده، ولكن كيفية التعامل مع هذه الأزمة هو ما يحدد مسار العودة ومؤشر الارتفاع من جديد. إنه مستوى الوعي العام بالوضع الحقيقي، وليس مجرد الاعتماد على وسائل الإعلام كناقل أمين ومتخصص خبير، في حين أن هدفها جله هو تحقيق السبق والتركيز على السلبيات.



وقد يكون للحكومات جزء في تحمل مسؤولية التثقيف والتوعية والتوجيه للتعامل مع الأزمة وإعطاء تقارير وتحليلات للوضع واستقراءات للمستقبل، فكيف لها أن تقود البلاد خارج منطقة الأزمة، ومن الركاب من يعتقد أن المركبة يجب أن تذهب يمينا، في حين أن آخر يعتقد أنها يجب أن تذهب شمالا، وربما آخر يريد أن يقفز من المركبة أصلا.



فإن كنت قد سرحت لتوك من وظيفتك التي عملت فيها لسنوات وأفنيت فيها جهدك ولا تجيد عملا سواها، فإنني أتفهم صدمتك وشعورك بالظلم والقهر ولكننا بحاجة للتحرك بك لمكان آخر، والأهم فكر آخر، فليس هناك أي طائل من أن أتعاطف معك بإخبارك بمدى الظلم الذي وقع عليك فأزيد من غضبك وأؤجج الوضع من حولك لتقع في مزيد من الإحباط والخوف.



فإن كانت تلك الصدمة أثبتت شيئا فقد أثبتت أن فكرة (الوظيفة أمان) ليست حقيقية، وأن الأمان المطلق شعور يستمده الإنسان من قناعته بنفسه وبالله وليس من أي شيء مادي، وأن عامل الأمان الذي توحي به الوظيفة إنما هو مضاد للتحفيز للإجادة والتطوير، وأنه ربما حان الوقت لتعيد اكتشاف قدراتك وتحديث معلوماتك ومهاراتك والبدء في تجربة أفكار جديدة ومجالات اعتقدت أنها بعيدة عنك كل البعد.



ولأخبرك بقصة عبداللطيف الذي سرح من عمله بعد أربعة عشر عاما، وبعد فترة يسيرة من الاستسلام للألم والحسرة قرر أن أرض الله واسعة وأن الرزق في كل مكان. وقرر وقتها أن يقوم بإيصال زوجته لدوامها عوضا عن سائق المشوار، ليفاجأ لأول مرة بمدى بعد المدرسة وصعوبة الوصول إليها وإلى المبلغ المحترم الذي كانت تدفعه زوجته للسائق، ومعاناتها والكثير من مثيلاتها. وهنا كانت الفكرة بأن جمع ما بين خبرته الوظيفية وعقليته المتطورة من العمل المؤسساتي بأن بدأ مشروعا لنقل المعلمات والموظفات للمناطق البعيدة ليكسب منه ثروة.



وإن كنت صاحب عمل قائم وبدأت نذور الأزمة بإطباق مخالبها عليك فأول ما عليك فعله هو عدم الاستسلام لذلك الشعور المتنامي حولك من ضيق الرزق وسهولة الخروج، وعليك أن تعلم أن الكثير من الأعمال الناجحة والمميزة فتحت وبدأت كحلول، فرص وبدائل في أوقات الأزمات. فمع اندفاع الناس للتوفير وصرف المال في موضعه فإن مصداقيتك والقيمة الحقيقية لخدماتك ومنتجاتك تصبح أكثر وضوحا وقياسا.



وعليه فإن الشركات التي تقدم خدمات حقيقية وذات قيمة ملموسة يزداد عملها في هذه الفترات في حين تسقط الشركات التي كانت تعتمد على مقايضة الأموال بخدمات هامشية أو ذات قيمة منخفضة في فخ الانسحاب والخسارة. وعليه عزيزي صاحب العمل عليك ألا تركز فقط في الكسب، ولكن ركز أكثر في تطوير خدماتك، بحيث تركز وبصدق شديد في مساعدة عملائك ورفع مستوى القيمة الحقيقية للخدمات التي تقدمها والتي تساعدهم هم أيضا على تجاوز الأزمة، بل وتجعلهم يستثمرونها وينمون فيها.



في النهاية يجب أن تعلم عزيزي القارئ أن المسؤولية الأكبر في تجاوز الأزمة بل والنماء فيها، تقع على عاتقك أنت كشخص واع وراغب في العيش الكريم.



نعم تقع عليك مسؤولية أن تثقف نفسك وتطلع على التجارب السابقة والحاضرة واستقراءات الحاضر لتستطيع تقييم الوضع الحالي بقدر عال من المصداقية والحقيقة، والأهم بقدر عال من عقلية الوفرة.



[email protected]