صالح العبدالرحمن التويجري

دمج ذوي الإعاقة فاشل ولن ينجح!

السبت - 04 مارس 2017

Sat - 04 Mar 2017

منذ أيام نشرت إحدى صحفنا مقالا بعنوان (دمج ذوي الإعاقة) قال فيه كاتبه: سعت وزارة التعليم منذ سنوات إلى دمج الطلبة ذوي الإعاقة من فئة الصم والمكفوفين والإعاقة الفكرية والحركية وكذا التوحديين وذوي صعوبة التعلم وفرط الحركة وغيرهم مع مدارس التعليم العام مع أقرانهم الطلبة العاديين في فصول تلبي احتياج كل فئة منهم بناء على قدراتهم واحتياجاتهم، على عكس ما كان معمولا به سابقا من إهمال تقديم الخدمات لهم أو تقديمها بشكل منعزل في مراكز ومعاهد خاصة لكل فئة. وقال إن عملية الدمج من أنجح البيئات التي تمكنهم من التعلم إلا أنه ينقصنا إعادة إجراء دراسة تقييمية لتحديد الإيجابيات والسلبيات.. إلخ.

حقيقة إن الدمج المقصود لذوي الاحتياجات الخاصة متوفر في البيئة على أشكال عدة، فالدمج في وطننا متوفر لهؤلاء بين الجيران وفي المساجد وفي الأعياد والأفراح والمناسبات الخاصة وفي الصلوات الخمس، إضافة إلى صلوات الجمع والأعياد والكسوف والخسوف والاستغاثة وفي الأسواق والمتنزهات، مما يعني أن الدمج في التعليم تحصيل حاصل، وأن من جلب لنا الدمج في التعليم من أمريكا وأكد نجاحه وأن تطبيقه في بلادنا سيفيد الأبناء لم يصب الهدف، إذ إنه نسي أن الدمج في أمريكا مقتصر على المدارس فقط، فلا مناسبات لديهم تجمع الأصحاء مع المعاقين غيرها، كما يوجد لدينا في المسارات التي ذكرتها، وحقيقة إن عملية الدمج في تعليمنا والتي عددها الكاتب لا تساوي 5% من الدمج الطبيعي بين أبناء الجيران أو في الصلوات المفروضة وخلافها، بل إن عملية الدمج المطبقة في التعليم اليوم ضيعت على ذوي الاحتياجات الخاصة الاستفادة الكاملة من أجهزتهم ومعداتهم الخاصة بهم التي كان من الواجب استخدامها في مدارسهم ومعاهدهم الخاصة بهم، وسيقول واحدهم كما قال العرجي وهو عبدالله بن عمر بن عمرو بن عثمان:

أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريه وسداد ثغر

وخلوني لمعترك المنايا وقد شرعت أسنتها بنحري

وما دمجهم مع الأصحاء إلا تشتيت لتحصيلهم، وبغض النظر عن ذوي الاحتياجات من (الصم والبكم والعميان والمشلولين سليمي العقل) فإن وجود الآخرين (من ذوي المشكلات الذهنية) مع الأصحاء يزيد من المفارقة بين الاثنين بسبب سوء منظر البعض منهم كمن يسيل مخاطه على شفتيه أو تهتف السوائل من فيه على ملابسه أو تتقلب عيناه أو ترتعش أطرافه ورأسه، ولا شك أن تلك المناظر تزيد الأصحاء بعدا عن هؤلاء بل وتبعث على الكره لهم، أما من هم سليمو العقل كالمشلول والأصم والأبكم والأعمى فهؤلاء حقيقة لا ينطبق عليهم الوصف (معاقين أو ذوي احتياجات خاصة)، فكم برز من الصم والبكم من مخترعين وفنيين عالميين، وكم برز من المشلولين والعميان من العلماء الأفذاذ، جازما أننا لم ننس بعد من تخرج من فاقدي البصر في المعاهد العلمية، وفي كليات الشريعة واللغة (أيام وجود رئاسة للكليات والمعاهد العلمية فيما قبل التسعينات) من علماء وقضاة ومدرسين البعض منهم لا يزال في القضاء والتدريس إلى اليوم

لذا أقول: العود أحمد، أعيدوا هؤلاء إلى ثكناتهم ولا تأخذكم العزة بالإثم، فكل ما يقال عن نجاح الدمج غير صحيح، بل هو ذر للرماد في العيون وتغطية للفشل، ويشهد على ذلك كثير من مدرسيهم ومجاوريهم وإن كانوا لا يستطيعون البوح بذلك على رؤوس الأشهاد، ولنتذكر معهد النور بالرياض الذي أنشأه الأستاذ عبدالله الغانم رحمه الله، وهو أول معهد للمكفوفين، وتولى إدارته سنين يشهد على نجاح تعليمهم بلا دمج بل هو نجاح منقطع النظير، لا أقول ما قلته عن مساوئ الدمج من فراغ بل من تجرية وممارسة فعلية، فقد عانيت من ذوي الاحتياجات وأنا طالب، فكنت وغيري من الطلاب نفر من البعض من هذا الصنف، وشهدت وعانيت منه وأنا مدرس فرار الطلاب من أولئك، وعانيت وأنا أب من ولاية من كان عندي، وبذا أيقنت بفشل الدمج المعمول به حاليا في التعليم، وأحذر منه اليوم وغدا وبعد غد، علما بأني من أوائل المعارضين له عندما أقر في 1425، وأبديت رأيي عبر صحيفة الندوة بتاريخ 10/‏6/‏1425 وتاريخ 18/‏7/‏1425.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال