محمد أحمد بابا

البركة وصراع المفاهيم

السبت - 04 مارس 2017

Sat - 04 Mar 2017

فكرت في النصوص التي تتحدث عن (البركة) كمفهوم عميق عظيم..



وقلت لنفسي هل (البركة) أصلية الوجود بقدر الله تعالى ثم تنقص أو تنزع وترفع بفعل المكلف أو مخالفته؟ ونازعت نفسي كذلك في (البركة) هل وجودها في الأشياء والأفعال بقدر معين ثم هو يتناقص أو يزيد بأثر من عمل عبد أو استجلاب محيط؟ واستمر حواري مع حيرتي وقلت (البركة) ترفع وتعود أم إذا ذهبت لا ترجع؟ وإن عادت تعود لسابق عهد أم هي مستجدة التأثير والأثر؟



وما زلت أبحث كيف هي (البركة) مفهوما ومضمونا في الشيء والمكان والإنسان والدابة والوقت والفعل؟

ولعلي لم يغب عن تذاكري وتذكري هل (البركة) عدوى تصيب من تعرض لها فتمنحه طاقة نماء، أم هي هبة ربانية لا تستمنح؟

وبدا لي أن الحديث من هذه الجوانب عن (البركة) شحيح المصدر إلا من نبش إرث الأولين أو ناظر نتاج فلاسفة علوم الذات بما ترمي إليه نصوص الشريعة المطهرة..



وتذكرت قصة حكيت علي لا أدري مدى صحتها عن رجل قدم للكعبة يوم مطر، وأخذ يمسح على وجهه من ماء على ثوب الكعبة، فنهره أحدهم، فقال ذلك الماسح: أتريد (بركة أعظم من هذا)؟

فالله يقول: ونزلنا من السماء ماء مباركا، ويقول: إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا، ويقول: وهذا كتاب مبارك، (فبركة نازلة على بركة مكتوب عليها كلام بركة) أليست بركة مضاعفة؟ وتريدني ألا أغتنمها؟



هنا سألت نفسي عن اختلاط (بركة) بأخرى، هل له في التقويم والتقدير مناط اعتبار؟

وهل (البركة) تتواءم مع مثيلاتها؟ وهل المبارك لا ينزع إلا لمبارك ونحو ذلك؟

ثم حبست بعض أفكار وأطلقت سراح أخريات والتفت للدنيا وجدتها ببركة من عند الله قائمة، حيث وجدت بكلام الله تعالى كن فيكون، وكلام الله هو ذات محفوظ القرآن العظيم، وما بين أيدينا في هذه الحياة أفضل منه بركة، إذ الأنبياء بركة حين قال الله تعالى عن عيسى عليه السلام: وكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم، وقد قررنا بأن البركة في الكلمة من مانح البركة ربنا العظيم..



وحين ذاك فالمنطقة الضبابية بين بركة نؤمن بها من الله تعالى واضعا إياها في الأعيان والأجسام والأفعال والأزمان والأمكنة وبين مذهبيات ناظرين ومنظرين نحوا بالإطار العام للبركة منحى التأثير على تبعية الناس للإذعان تجعلنا حتما نعود للأصل في بركة نشاهد آثارها وإن غابت حقيقتها في دعاء مستجاب وعمل صالح ورزق مغدق وذرية وصحة وعافية ونعم من الله لا نحصيها..



فمن العجيب أن التاريخ نقل لنا شرخ صدامات، وسوط عذاب من الصراع، سببه مفهوم بركة، أو إنكار بركة، استغلال توقع بركة، وهذا ما دفعني أن أستحث من يقرأ لي أن يفكر معي!



ولعل الحكم على شيء بأنه استحق قضاء من الخالق بالبركة موجب للتصديق، ككتابه الكريم وبيته العظيم، لكن بركة بالتجربة أو المشاهدة أو الاستقراء راجعة لقاسم مشترك في مفهوم البركة عند القائل والمستمع..



كثيرة هي التساؤلات.. ولكن حسبي (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير)..



[email protected]