خطة التصريف لـ(500) عام!!

بعد النسيان
بعد النسيان

الجمعة - 03 مارس 2017

Fri - 03 Mar 2017

كان الأستاذ (محظوظ) ـ وهو من المعلمين الفائضين منذ (17) عامًا ـ لا يتردد في تجريب كل وسيلة تنقل المعلومة والمهارة والتفكير الصحيح إلى تلاميذه، بدءًا من السفسطة اليونانية القديمة؛ كأن يسأل الطالب: هل الطاقية فوق رأسك؟ أم أن رأسك تحت الطاقية؟



وقد التقى مؤخرًا تلميذًا له، أصبح استشاري (مخ وأعصاب) حيث قال: كل هذه السنين لم أجد إجابة حاسمة!! فقال المعلم الذي استحى الزمان على وجهه؛ إذ ليس للزمان وجه يستحي عليه: ولهذا اخترت هذا التخصص الدقيق وستنجح فيه ما دمت تفكر وتبحث عن إجابة! ولم يكن أستاذك يريد أكثر من أن يزرع هذا القلق فيكم؛ فالقلق الفكري هو وقود الإبداع!! وما كان أسهل عليه من (تلقين) الأفكار الجاهزة وترك (الدرعا ترعى)!!



وتحت سكرة النشوة بالنجاح نسي الأستاذ (محظوظ) لماذا جاء للمستشفى؟ وتذكر أن مثل هذه (الحركات) الغريبة على (التبليم) ملأت ملفه بعشرات الإنذارات والتعهدات ولفت النظر! فيما امتلأت جيوب غيره بالعلاوات والبدلات والانتدابات! وعرضته لخمس سنوات من المحاكمة، انتهت بإدانته بتهمة (العقلانية)، وقضت بإبعاده عن التعليم الميداني؛ خوفًا على عقول الطلاب، و(حصانة) لها من الفلسفة والحداثة و(الريبرارية)!



ثم يأتي معالي الوزير ويحبط النفوس المحبطة منذ مووووبطي، ويدين المعلم بالتخلف والرجعية و(التلقين)! ولم يكن مطلوبًا منه أن ينكر الواقع، ويظلله بالتضليل المخجل؛ كما في تصريحه بأن لدى الوزارة فائضًا من المعلمين والمعلمات؛ بل كان يكفيه أن يضيف كلامًا ناعمًا فقط؛ يوحي بأنه يشعر بالمسؤولية التاريخية!



ولكنه بدلاً من ذلك حاول تكحيل العين الرمداء فأعماها؛ فأصدرت الوزارة توضيحًا بأن معاليه يقصد في (بعض) التخصصات، وأن سبب العجز (الوهمي) يعود إلى سوء التوزيع في النقل والتعيين!!



ولم يكن للتصريح (الفائض) ثم التصريف (الغائظ) موجبٌ؛ لو تحلت الوزارة بشجاعة الاعتراف بالخطأ الناجم عن الارتجال بتحقيق (80%) من رغبات النقل، وعدم الشفافية حيال وضع السلم التعليمي الذي أدى إلى تهافت الآلاف المؤلفة من (المعلمينات) و(المعلماتين) على التقاعد المبكر!



أما توضيح معاليه بأنه أراد أن يستنهض همة المعلم بالنقد عبر وسائل الإعلام؛ فيشير إلى أن الوزارة تتملص من مهمتها الرسمية في خطة الـ(500) عام التي أعلنها الوزير في أول كلمة له!



ويبدو أننا بحاجة إلى (500) عام أخرى للتوضيح و(التصريف)!!!