ناصر عليان الخياري

انتصروا لأحبابكم

الخميس - 02 مارس 2017

Thu - 02 Mar 2017

المشاعر هي الوقود الذي يشعل العلاقات الحميمة بين الناس. فالمشاعر الصادقة الجميلة حديقة غناء تحتاج إلى الري كيلا تذبل أوراقها أو تموت من الجفاف؛ بفرط إهمالها. حين تعرف أن هناك من يهتم بك وتضيء عيناه فرحا بلقائك، وتتهادى الكلمات على شفتيه طربا للحديث معك، وتبتهج ملامحه لهفة وشوقا لمرآك، وكأنه يستعطف الزمن أن يتوقف، فلقاؤك من أثمن الأشياء في حياته، التي يريد أن تظل معه إلى الأبد. انتصروا لأحبابكم من ظمأ الفراق، ومن جوع الهجر وأوجاعه. لا تهملوا مشاعرهم الوفية فيغدو بها السحاب لتهطل في جزر بعيدة عنكم لا تعرفونها. فقد علمنا الزمن أن من يذهب لا يعود، وأن ما نفقده من العلاقات الثمينة لا نستطيع استرجاعه مرة أخرى.



وعلمنا أيضا أن المشاعر إذا خدشت لا تعود لسالف عهدها. لا تفرطوا بمن بين أيديكم، فالنفوس الزكية والقلوب النابضة بالمحبة، تريد منكم أن تبادلوها الود، والوفاء، والعطاء.. في عصر اكتظت به الحياة بالمشتتات، وطغت عليه طقوس الماديات، وبات الفرد منهمكا بزخم الملهيات، يجر إلى نمط حياة فردية ضيقة، منكفئة على ذاتها.



المشاعر الأجمل هي التي تنطلق بعفوية، في الفضاء الرحب لتصافح قوس قزح، والغيوم تزف قطرات المطر لتبعث في الأرض الحياة، كأنها تلك المشاعر النبيلة التي تملأ الحياة بالنقاء والخير. لنتأمل المشهد فندرك روعة تلك المشاعر، وكيف أنها تنشر الطيبة وتبث الطمأنينة في حياتنا. كيف نجرؤ أن نتجاهل مشاعر من حولنا؟ كيف نرضى أن تكون الخيبة نصيبهم؟ كيف لا نلتفت إلى الصدق في مشاعرهم، وإلى اللهفة في أعينهم، وإلى الوله في أحاديثهم، وإلى الشوق الذي تحكيه ملامحهم؟



الحياة دائما جميلة بمن حولنا، فهم الشمعة التي تضيء حياتنا، ومشاعرهم هي الوقود الذي يعيد لحياتنا رونقها. حين نتذكر أن هناك من يشعر بنا، ويهتم من أجلنا، يحزن لحزننا، ويفرح لفرحنا.. عندها تنكسر جيوش الأسى، وتتهاوى عروش الكآبة، لينبض القلب شكرا وعرفانا لمن كانت مشاعرهم طوق النجاة.