آلاء لبني

أزمة عمل المرأة وتمكينها

الخميس - 02 مارس 2017

Thu - 02 Mar 2017

الأزمات والمشاكل الاقتصادية تجبر المجتمعات على التغير والتحول، كفكرة أهمية عمل المرأة في تخفيف العبء الاقتصادي. تحمل الرجال أصحاب المروءة أعباء مادية تفوق قدراتهم أمر محال.

كما أن فقر المرأة وقلة مواردها واعتمادها على الرجل دفعت بالكثير من أصحاب جنون السلطة الذكورية إلى التحكم بشكل أكبر في كل أمور حياتها حتى مرضها. وحرية المرأة الحقيقية وقوتها وكرامتها تبدأ باستقلالها المالي، وهذا ما يسعى له أي فرد بغض النظر عن جنسه.

المحصلة أن المشاركة الاقتصادية للمرأة في سوق العمل ضعيفة جدا، ومعدل البطالة مرتفع في النساء، بسبب غياب وقلة الوظائف المناسبة في القطاعين العام والخاص.

تغير الأوضاع الاقتصادية وزيادة الأعباء المعيشية دفعا نحو إصلاح اقتصادي يرفع من نسبة مشاركة المرأة الاقتصادية والتي تؤثر ليس على الناتج الوطني فقط بل على رفاهية المجتمع والأسر بشكل عام والأسر التي تعيلها النساء بشكل خاص. ولعل حساب المواطن قد أظهر جزءا من الخفايا التي تتحملها النساء في تولي أمر الإنفاق. وأما النساء اللاتي ينفقن بصمت ويعتبرن الداعم الأول لأسرهن ويتحملن الأعباء الجمة عن أولياء أمورهن ممن يعتبرون مال المرأة حقا مكتسبا ومشروعا، فلن يظهر دورهن أي حساب مهما كان نوعه!

في مجتمع يطالب فيه بعض المشايخ والداعيات وأعضاء هيئة التدريس بأن تنفق الدولة على المرأة وتكفها عن السؤال والعمل في أماكن الاختلاط!! فلست أنسى إحدى القنوات الإسلامية التي سمح فيها لداعية أن تقول سيأتي زمان يسمح بالمراقص لتغطية الحاجة!! احتجاجا منها على تواجد المرأة في المستشفيات والأسواق!

سعت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية إلى توفير الفرص الوظيفية لمشاركة أكثر للمرأة بتطبيق سعودة الوظائف ونظام نطاقات. دخول المرأة القطاع الخاص بمجالات جديدة واجه رياحا عاتية من الهجوم، فقبل عشر سنوات لم يتخيل أحد أن تكون المرأة بائعة وكاشيرة، مع هذا تقبلت فئات من المجتمع عمل المرأة في الشركات والمراكز التجارية والفنادق...إلخ،لكن ما يزعجني ليس أهل التشدد، ولا الرجال عموما، بل النساء خصوصا ونظرتهن تجاه بنات جنسهن، فالبعض يرى في عمل المرأة انحلالا خلقيا وشرا يقارنه بكل قضايا الفتن، وليت الأمر يقف عند هذا، بل تصاب بذهول حين تعرف أن من ليس لهن علاقة بالدين ولا الحجاب يحاربن المرأة في الأسواق وفي أي مكان، فهي شر مستطير في أنظارهن خوفا على أزواجهن! أمر عجيب كأن الرجل ينتظر البائعة حتى يخون! وكأن كل نساء الأرض انتفين!

في كل مهنة ومكان هناك الطيب والخبيث، أما الخطأ والفساد والعفة فليست مقترنة إلا بفكر الإنسان نفسه وحجاب عقله وفؤاده (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله).

التغير والإصلاحات الاقتصادية مستمران، ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية حددت في برامج التحول الاقتصادي الوطني 2020 سعيها لتمكين المرأة واستثمار طاقتها، وزيادة القوى العاملة النسائية من 23 كخط أساس إلى 28. ولكن مع هذا لماذا لا توجد النساء في عدد كبير من الجهات الحكومية؟

لماذا تتركز القوى العاملة النسائية في وزارة التعليم ثم الصحة؟

ما هي الأسباب التي حدت من مشاركة المرأة في القطاع العام؟ صعوبة تهيئة المكان مثلا!

أليس أولى الأولويات تمكينها من العمل في مختلف القطاعات أسوة بالرجال؟ بعض الجهات الحكومية إلى اليوم ليس للمرأة فيها أي مشاركة ولا 1%، وأخرى تقتصر على مكتب صغير بعدد ضئيل من الموظفات لاستقبال بعض الأرواق والمعاملات، ويتساءلون عن أسباب ارتفاع معدل البطالة ويتناسون أن القطاع الحكومي المستوعب الأكبر للذكور، وقد تم تجاهل القوى العاملة من النساء في عدد كبير من القطاعات خلال سنوات التنمية السابقة. ليس من المعقول أن تستوعب وزارة التعليم ووزارة الصحة وتتحملان أغلب الخريجات. الوضع الحالي ساهم فعلا في رفع معدل مشاركة المرأة في القطاع الخاص بأجور منخفضة نسبيا وساعات طويلة (حسب نوع الوظيفة).

عجلة الزمان لن ترجع للوراء لتوجد مساحة أكبر للنساء في القطاع الحكومي، ولكن بالإمكان السير للأمام وفتح المجال للتوسع بإيجاد وظائف تقدم المرأة فيها دورا ملموسا وحقيقا وليس صوريا، هنا نكون خطونا بعض الخطوات نحو تمكين المرأة واستثمار طاقتها.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال