عبدالله الجنيد

الافتتان بالقمر

الاثنين - 27 فبراير 2017

Mon - 27 Feb 2017

هو عنوان لفيلم رومانسي جميل «Moonstruck» أنتج عام 1987 إلا أنه يتطابق من حيث التباس شخصياته وحالة اليسار العربي ورؤى التعليم في عالمنا العربي. فكلاهما يعيش حالة مريخية منقطعة عن واقع قضايانا الآنية دون عناء تلمس دلائل إحداثياته. فحالة الافتتان تلك تنحصر في شيخوخة اليسار الذي فشل في إثبات وجوده سياسيا رغم إسهاماته في البعدين الأدبي والاجتماعي. أما التعليم فيعهد به لحزبي أو صاحب فكرة، فينجح الأول بالإسهام في محو الأمية وتجييرها سياسيا. أما الآخر فانحصر دوره في التنظير مع عجز في تقديم مخرجات تتناسب وسوق العمل لعجز نتيجة إرث منظومات التعليم وثقافتها القاتلة لكل تجديد.



المناسبة في تناول الاثنين من هول حجم الصدمة المتراكمة في حالة التكلس الحسي واللغوي في خطاب اليسار العربي خصوصا بوصف نفسه ليبراليا، وكأنه هو من أسس لعلم الاجتماع السياسي، في حين يرتمي في حضن مشاريع سياسية تتعارض وأبسط قيم الليبرالية. فمتى سيعترف يسارنا المبجل بأن زمن الأيديولوجيات السياسية قد ولى وإلى الأبد. فالعالم يتعايش الآن من خلال مشاريع الدول المدنية من بلغ منها ومن هو في طور البلوغ اجتماعيا وسياسيا. فليس بالإمكان الاشتراك في عملية «الهندسة الاجتماعية Social Engineering» من حيث تزاحم الرؤى والمشاريع السياسية منها الاجتماعي من قبل أطراف ترفض حتى تطوير بنيتها اللغوية، لذلك هو خارج إطار العملية الاقتصادية السياسية. فالارتخاء في حالته الاجتماعية كان نتيجة فعل فاعل ولافتقاره لفهم احتكام الصيرورة التاريخية لنظرية التطور أو الفناء. لكن يبدو أن الانتحار هو واقع حالتها العربية بعد إلقائها بكل ما تبقى لها من رصيد أدبي نسبي خلف أحزاب منتمية لثقافة متعارضة وكل قيم الليبرالية كما حدث إبان الربيع العربي.



أما في حالة التعليم فنحن أمام حالة خاصة كما حصل بين الأخوين جوني وروني مع بطلة الفيلم لوليتا. فأحدهما يريدها نسخة من أمه والآخر أداة انعتاق من الإعاقة الدائمة التي تسبب فيها الفرن الذي يمتلكه. فالمشكلة ليست في التعليم بل في فلسفة التعليم غير المنتمي للواقع ولا للمستقبل، فنظرة واحدة لمعمار مدارسنا هندسيا تكفي لقياس ذلك. فمتى سنعترف بأن ليس كل صاحب فكرة هو الأقدر على وضع خططها وآلياتها التنفيذية. فإن أردنا إنجاح أي فكرة يتوجب علينا اعتماد استراتيجية تنفيذية تعتمد مبدأ «الهندسة العكسية Reverse Engineering» أي وضع الأهداف الاستراتيجية أولا ومن ثم الجهة التنفيذية المحترفة، مع ضرورة إخضاع ما تقدم لجهة رقابة تقييمية مستقلة، وعندها سيكون لدينا مخرجات تعليم تتناسب واحتياجات السوق. على قيادات التعليم الآن ألا تخشى مقارعة إرث منظومات التعليم الثقافي لتحقق الخطوة الأولى نحو تلمس الغد بإحداثيات حقيقية.



أخيرا أوصيكم بأمرين لا ثالث لهما، عليكم بمشاهدة الفيلم فهو بحق أحد أجمل أفلام الكوميديا الاجتماعية. أما الثاني فالترحم علي إن وجدتموني أكتب في هذين الموضوعين الآنفين مرة أخرى، فإن حدث ذلك فاعلموا أني إما أصبت بالخرف أو الزهايمر.



[email protected]