أسامة يماني

لماذا يحب البعض الإشاعات؟

السبت - 25 فبراير 2017

Sat - 25 Feb 2017

من الظواهر الملاحظة لدى البعض عشقهم وحبهم المنقطع النظير للإشاعات وكذلك لترويجها والسعي لنشرها وإعادة إخراجها وعمل الإضافات اللازمة والتعليقات المثيرة، وقد قام آخرون في محاولة منهم محاربة هذه الظاهرة وذلك بإنشاء مواقع لتوضيح هذه الإشاعات الكاذبة وفضحها.



علما أن الإشاعات ومواضيعها متنوعة ولا تختصر في موضوع واحد، فبعض الإشاعات تتعلق بالأمور الدينية ومنها ما يهدف حسب قناعة أصحابها الدفاع عن الإسلام وإثارة الحماس الديني، وشق منها يهدف لبث الخلاف والاختلاف والفرقة بين طوائف المجتمع. وهناك إشاعات سياسية واقتصادية واجتماعية وكروية ورياضة وطبية وصحية، وبمعنى آخر جميع أمور الحياة.



الأمر الغريب أن بعض هذه الإشاعات ساذجة بشكل واضح ومع ذلك تجد في بعض الأحيان أن من يقوم بنشرها من أصحاب الخبرة الذين يجب ألا ينطلي عليهم مثل هذه السذاجة، ومع ذلك يكون هو أول من يقوم بإعادة نشرها بين أصحابه ومتابعيه. ولا شك أن هناك إشاعات خطيرة تهدف للفرقة أو الإساءة للدولة والمسؤولين أو السلم الاجتماعي، وتأخذ الإشاعات التي يتم ترويجها أشكالا مختلفة ومتنوعة وتزداد خطورة إذا كان خلفها جهات استخباراتية أو صادرة من أعداء الوطن أو أعداء النجاح أو من أصحاب الأطماع والأيديولوجيات أو من الظلاميين.



أما سبب حب البعض للإشاعات فذلك يرجع لأسباب عديدة وليس لسبب واحد، وقد يغلب عليها في بعض الحالات سبب معين أكثر من غيره، ولا شك أن هناك العديد من المحفزات لهذه الظاهرة، منها المصلحة الشخصية أو تصفية الحسابات أو الكيد أو الحماس الديني أو التعصب وما إلى ذلك.



ويمكننا هنا سرد أهم الأسباب التي تجعل من الشخص محبا للإشاعات، فمن أسباب التعلق بالإشاعة الثقافة المجتمعية التي تقوم على التلقي والاستماع وليس على التفكير والتحليل وكذلك الاعتماد على الغير في كل شؤون الحياة، نظرا لاعتقاد البعض أنه لا يحق له أن يعمل فكره، وأن عليه الرجوع للغير لأخذ الرأي. ويعتقد البعض أنه بذلك أخلى مسؤوليته الشخصية، وهذا اعتقاد فاسد فالمسؤولية تقوم على مبدأ الشخصية ولا يعفي المرء أنه أخذ الفتوى ممن يدعون العلم لأن ذلك لا يعفيه من المسؤولية ولا يبرئ بذلك ذمته، وقد جاء في التنزيل «وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا» (67)، لأن ديننا يأمرنا بإعمال النظر والفكر وعدم الركون لأقوال الآخرين، ومع ذلك فإن ظاهرة التقليد والمحاكاة أصبحت شائعة لدرجة قبول أطروحات وأقوال ساذجة.



مناهجنا التعليمية أحد الأسباب التي تساعد وتكرس مثل هذه الظاهرة لأن المناهج تقوم على التلقي والحفظ وليس على الفكر والنظر والتحليل والنقد والمنهجية العلمية. وكذلك من أسباب هذه ظاهرة أيضا ضعف القيم والأخلاق وضعف الرعاية والتربية المنزلية والمدرسية، كما أن أجهزة الإعلام لا تقوم بواجبها التنويري كما ينبغي وليس هناك برامج توعوية. وحتى التوعية الأمنية تنطلق من الترهيب والتحذير، والتنبيه من العقوبات الرادعة وليس من التوعية التنويرية والإرشادية.