عبدالله حسن أبوهاشم

الطفل الخريصي رقم جديد في ضحايا الإهمال

الجمعة - 24 فبراير 2017

Fri - 24 Feb 2017

صباح الأحد 15 /4 /1438 كان الوضع على الطريق ما بين محافظة ضباء ومينائها (27 كلم) غير طبيعي، أرتال من السيارات الحكومية تغدو وتروح، تمثل عدة جهات حكومية، من حرس الحدود، والدفاع المدني، والأمن العام، وعدد كبير من الإسعافات التابعة للهلال الأحمر، ووزارة الصحة، إلى غير ذلك.

سألني أحد الزملاء: ما الحكاية؟ قلت: اللهم اجعله خيرا، بعدها علمت من وسائل الإعلام بوجود تمرينات فرضية في ميناء ضباء. تضمنت فرضية التمرين جنوح سفينة ركاب على متنها 600 راكب، ارتطمت في الشعب المرجانية، وتعطلت محركاتها، ونشوب حريق بغرفة المحركات، وتسرب كميات من الوقود، أثناء دخولها لميناء ضباء، شاركت في هذا التمرين عدة جهات حكومية.

وأكاد أجزم أن سيارات الدفاع المدني وسيارات الإسعاف، بهذا العدد الكبير، قدمت إلى الميناء بكامل جاهزيتها، واستخدم في هذا اليوم كل ما بحوزتها من أجهزة البحث والإنقاذ، بمختلف أشكالها وأنواعها، وبأعلى مستوى من الأداء.

في ذات الوقت، كان بالقرب من رصيف ميناء ضباء؛ موقع التمرين غرفة صرف صحي في إسكان موظفي الميناء تركت مكشوفة، تنتظر خروج الطفل علي الخريصي ذي الثماني سنوات من بيته لتبتلعه يوم السبت 14 /5 /1438 أي بعد شهر واحد فقط من التمرين الافتراضي، لتعكس لنا هذه الحادثة صورة جديدة من صور الفساد والإهمال والفوضى التي تتكرر، ليسجل الطفل علي رقما جديدا في سجل ضحايا غرف الصرف الصحي.

تقول أم الطفل علي، نسأل الله أن يجبر مصابها، ويربط على قلبها، في مداخلة لها في برنامج مع الثامنة، وبحسب ما ذكر في وسائل الإعلام، إن سيارة الدفاع المدني التي حضرت لموقع الحادث، رغم تأخرها في الوصول، كانت تفتقد إلى توفر وسائل الإنقاذ بها، إذ لا يوجد بها ولو كشاف ضوئي، كان المواطنون يستخدمون جولاتهم، ولم يكن في السيارة سلم ولا حبال، ولا «ماتور» شفط، ولا أجهزة غوص، مما تعذر على رجل الدفاع المدني النزول لخزان الصرف لانتشال ابنها، وفي النهاية غامر أحد المواطنين ونزل ليستخرج الطفل رغم منع وتحذيرات الدفاع المدني له، وتقول أيضا: لم يكن أداء أو إجراء عملية إسعاف الطفل من قبل منسوبي الهلال الأحمر بالشكل اللائق والمطلوب، الذي يفترض أن يقوموا به.

لا شك أن أم علي كانت تتمنى سيارة واحدة من السيارات المجهزة بالكامل التي شاركت في التمرين الافتراضي الذي أشرنا إليه، لإنقاذ حياة ابنها.

«علي» ليس الأول، ولن يكون الأخير، ستبقى تتكرر هذه الحوادث والمآسي ما بقي الإهمال وانعدام المراقبة وغياب مبدأ المحاسبة والعقاب، ومع الضحية القادمة قد ننسى عليا كما نسينا من سقطوا قبله، وسيتكرر نفس الكلام في وسائل الإعلام وغيرها، وسيعيد بعض المسؤولين ذات التصاريح المعتادة؛ كل يحاول إبعاد المسؤولية عنه، وإلقاء التهمة على غيره، الفرق في كل حادثة هو اسم الضحية، وموقع الحفرة أو الخزان، هم وحدهم فقط أهل الضحية الذين لن ينسوا طول حياتهم فلذات أكبادهم الذين فقدوهم، ممن طالتهم يد الإهمال، أعانهم الله وألهمهم الصبر.