فاتن محمد حسين

اجتماع المطوفات مع معالي وزير الحج والعمرة

الجمعة - 24 فبراير 2017

Fri - 24 Feb 2017

كم كنت مسرورة حينما تم الاتصال بي لإبلاغي بموافقة معالي وزير الحج والعمرة الدكتور محمد صالح بنتن على لقائي وبعض المطوفات عن طريق مكتب معاليه.. ولأنها كانت المرة الأولى التي أذهب فيها للاجتماع بمعاليه فقد تملكني التوجس من شخصيته ومدى تقبله لمطالبنا وآرائنا، ولكن لم تلبث أن تلاشت تلك التوجسات بمجرد حديثنا معه، وكلماته وتعبيرات وجهه التي أعطتنا جرعات كبيرة من الاطمئنان والثقة بمعاليه الذي وعدنا خيرا وقال «لكم ما تريدون وسيكون وكيل المطوفة شريكا في مكتب الخدمة الميدانية».



لقد كان لقاء ناجحا ومميزا بكل المعايير، فمعاليه على درجة عالية من الذكاء الذي يستطيع من خلاله فهم دوافع الآخرين ورغباتهم، ومن ثم طرح الحلول الذكية للأخذ بآرائه وأفكاره ومقترحاته، بل إنه يملك الحكمة والقدرة على الإقناع حتى في أكثر الموضوعات جدلية، وهو موضوع (الرسملة)، والذي كتبت فيها عدة مقالات يبدو أنها كانت مزعجة لمعاليه فوجدها فرصة سانحة لطرح آرائه حول (الرسملة)، وكونها لا تعدو عن تحويل الوفورات والاحتياطات في المؤسسات إلى رأسمال، ثم توزعها على المساهمين والمساهمات حسب آلية منضبطة، مع الحفاظ على التوريث المهني الشرعي، وأنها تقوم على الاستثمار وتتطلب صناعة للخدمات، وأن أي عمل لا يتطور يموت، وهذا ما تهدف له وزارة الحج بتطوير منظومة الحج إلى صناعة متكاملة حقيقية، والاستثمار بها بدلا من تجميد تلك الاحتياطات. وحينما سألت إحدى المطوفات عن وراثة المطوفة لأبنائها قال «إن ذلك سيكون حسب كل مطوفة وما ترغبه في توريث أبنائها أم لا..»، وحينما علقت إحداهن «إن ذلك سيسمح بدخول غير أبناء الطائفة في المهنة»، علق معاليه: إن ذلك لا ضير فيه، فالهدف الأساسي هو خدمة ضيوف الرحمن وفق أعلى معايير الجودة والتميز، وهي مسؤولية مجتمع بأكمله، وكثير من أبنائنا ولدوا في دول أخرى، وبعضهم حصل على جنسيات من تلك الدول، وإن قيام شركات مساهمة أمر يحقق مكتسبات وطنية عالية، ويضمن أطر التنافس المنضبط الذي يسهم في الارتقاء بكفاءة ونوعية الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام.



حقيقة لقد كان أسلوبا مقنعا وخرجنا بكثير من الارتياح النفسي بأن مطالبنا ستأخذ طريقها للتنفيذ. كما تطرق معاليه إلى أهمية تدعيم الإيجابيات في الأعمال المؤسسية والقضاء على السلبيات، ولكن نظرا لضيق وقت معاليه لاستقبالات رسمية متنوعة، ولم يكن هناك مجال للتوسع في المناقشة، ظل الكثير من الأسئلة حائرة في أذهاننا: فإذا كانت المؤسسات ستتحول إلى (شركات مساهمة) فما هو التنظيم الملائم؟ وما هو مصير المبلغ المقطوع؟ وهل ستتحول المؤسسات إلى قطاع خاص وتصبح أهدافها ربحية؟ أي ألا تكون (قطاعا ثالثا)، ومعنى ذلك إصدار سجل تجاري معتمد لكل مؤسسة (شركة)، وأن تكون هناك استقلالية في عوائد الخدمات - فترتفع حسب ما تحدده كل شركة!



ثم ما مصير مبلغ (300) ريال الذي يدفع منه 48 ريالا للمؤسسات لتجهيز خيام عرفات، ومبلغ ريالين لمكتب الوكلاء وبقي مبلغ (250 ريالا) محفوظا في وزارة المالية، هل سيدخل لنطاق الشركات الاستثمارية؟



وحتما فإن أي فرد يعمل لا بد أن يخطئ، ولكن يجب تضافر كافة الجهود في الجهات الخدمية وألا تلقى مسؤولية أخطائها على المطوف. وحتى إن حدثت أي إشكاليات في العلاقات التواصلية فيفترض استحداث (هيئة استشارية) في كل مؤسسة من كبار المطوفين والمطوفات، تقوم بمهام متعددة، منها حل المشكلات، خاصة تلك التي تنشأ بسبب الأنظمة «مثل نظام العطاءات» الذي تسبب في كثير من المشكلات الأسرية والتنافر في العلاقات، وخاصة حينما يكون رئيس المؤسسة ليست لديه القدرة والمهارة على حل المشكلات واتخاذ القرارات الصحيحة.



بل لا بد أن تنشأ في الهيئة التنسيقية (لجنة إصلاح ذات البين)، وهي خاصة بحل مشكلات العمل المهني بدلا من رفع المعاملات للوزارة، أو للجهات العليا، أو للقضاء. فهذه اللجان هي الجهة التي تحتضن كافة الأطراف المختلفة وتكون على مستوى كبير من الخبرة، والكفاءة، والمهارة في حل المشكلات، مع إلغاء ما يسمى بـ (هيئة تأديب الطوائف) التي لم تعد مناسبة لروح العصر.



المهم أنه بحمد الله وتوفيقه كان الاجتماع موفقا وناجحا، وأعطانا كثيرا من الأمل والتفاؤل - حتى للمطالبات الهامشية - بأن هناك قيادة واعية حكيمة تستطيع إدارة الحج بكفاءة ومهنية. وننتظر وضع معاليه للوعود موضع التنفيذ.. وإن غدا لناظره قريب.