الانجراف الإعلامي ومفهوم السعودة

الجمعة - 24 فبراير 2017

Fri - 24 Feb 2017

لطالما كان الهدف من قبل حكومتنا الرشيدة هو تمكين أبنائها من العمل وتولي المناصب وحمل المسؤولية، وطبعا مثل أي أمر آخر بالعالم لا بد أن يتم التأهيل المسبق وأن يكون التمكين وفق قنوات القدرة والإنتاجية، لهذا صعدنا بمفاهيم أخرى، منها التوطين للخبرات الخارجية واكتساب المعرفة، موضوع السعودة ليس قرارا أو رغبة مفرغة من معاني العمل الجاد المبني على الأسس العلمية البحتة، بل هو أساسه العمل بروح وطنية لمن يقدر ومن يمتلك الإمكانيات المناسبة، لا يمكن أن تكون سعودة أطباء الأسنان من خلال تعيين خريجي بكالوريوس كيمياء، ولا يمكن سعودة قطاع إدارة الأعمال من خلال خريجي التاريخ مثلا.



تناولت مواقع التواصل السعودية خبرا مفاده أن هنالك موظفة غير سعودية تعمل في الخطوط السعودية وتتقاضى راتبا عاليا، وقرنوا الأمر بفكرة السعودة، وبفكرة أن هنالك امرأة سعودية تعمل بنفس المجال في خطوط طيران خليجية، وانصب التركيز على السعودة ولماذا وكم وكيف؟ حقيقة إدراج موضوع أن هنالك سعودية تعمل بوظيفة عالية ومهمة في خطوط طيران خليجية كان لا بد أن يركز عليه من بعد آخر وهو إمكانيات الشاب السعودي وقدرتهم على المنافسة، وليس من باب الاحتجاج به على موضوع تعيين الأجنبية في الخطوط السعودية، لأننا تناسينا أنها أيضا تعمل في دولة أخرى لديها شبابها وإمكاناتها، ومع هذا تم تعينيها لخبرتها ومؤهلاتها وإبداعها، نعم الخبرة والمؤهل والإبداع إن توافرت في السعودي أو السعودية فالأمر محسوم ولا يحتاج إلى فلسفة ولا تفلسف.



لن أبتعد كثيرا عن موضوع الأجنبية في الخطوط السعودية، ويكفيني أن أقرأ أو أعرف أو أسمع رد إدارة الخطوط عن الإضافة التي تشكلها هذه الموظفة غير السعودية لمنظومة عمل الخطوط السعودية، وهل لطبيعة عمل الخطوط وتعاملها مع كافة جنسيات العالم واستقطابها كافة شعوب العالم كتنافس سوقي له علاقة بتعيين بعض الأجانب في مراكز معينة فيها؟ هل لو سعودنا هذا المنصب بخبرات مناسبة وكفاءة عالية ستعطي السعودة نفس نتائج العاملة الأجنبية؟ الأسئلة قبل الانجراف وراء الإعلام غير المسؤول كثيرة، وكلها لا بد أن تصب في مصلحة الوطن أولا وأخيرا.



لا أعلم لماذا تهيأ لي تفكير أن تعيين السعودية المبدعة في الخطوط الخليجية تلك ليس فقط سببه إبداعها أو قدراتها وخبراتها بل أيضا لأنها سعودية الجنسية، وبالتالي قادرة على التعامل مع السوق والتسويق باستهداف السعوديين ضمن برامج تسويقية معينة، أليس من المعقول أن تعيينها أتى لأن الشركة التي تعمل لها تستهدف السعوديين كعملاء متميزين، أليس الفكرة بالعمل هو الإنتاج والإبداع وتحقيق المراد؟ ثم هذه الموظفة الأجنبية أليست تخضع لقوانين العمل السعودية وأنظمة السعودة؟ هل الفكرة أصبحت الآن مراقبة كل عامل أجنبي وسؤاله أين يعمل.. ومن ثم الانجراف وراء الهجوم والانتقاد؟ هل نريد مجتمعا اقتصاديا سعوديا طاردا للإبداع؟



الأولوية للسعوديين دائما، لكن هنالك ما هو متقدم على أولوية السعودي وهو الوطن ومصلحته ككل وليس جهة أو فئة معينة، لنفكر بعقلانية ولنبتعد عن الهياط الفكري، ولنتحدث بفكر وطني بحت، فلقد مللنا لغة الدغدغة واللعب على المشاعر.. والشعب عايز كده.