الأبعاد السياسية لميدالية «تينت»

الأربعاء - 22 فبراير 2017

Wed - 22 Feb 2017

مؤخرا، منحت الولايات المتحدة الأمريكية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية ميدالية «جورج تينت»، وهي الميدالية التي تمنحها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) للعمل الاستخباراتي المميز في مجال مكافحة الإرهاب.



ولهذا الحدث، التي تناولته كل وسائل الإعلام العالمية والعربية والمحلية أهمية كبرى بالنسبة للمملكة تتمثل في ثلاثة أبعاد سياسية:



البعد الأول، يتعلق بالأهمية الدولية للمملكة العربية السعودية على المستوى السياسي ودورها وريادتها في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وكذلك دورها البارز في مجال مكافحة «الإرهاب»، سواء كان ذلك على المستوى الأمني المتمثل بالضربات الاستباقية والمداهمات المفاجئة للجماعات الإرهابية، التي تعمل في الخفاء بشكل عنقودي، لا تعرف خلية عن أسرار وعمليات الخلية الأخرى، أم كان على المستوى الفكري المتمثل بإنشاء «مركز محمد بن نايف للمناصحة» الذي طلبت بعض الدول الإفادة من تجاربه في معالجة معتنقي الفكر الإرهابي، وإصلاح سلوكهم وتصحيح فكرهم بإعادتهم إلى الطريق القويم أعضاء بنائين في المجتمع، متخلصين من أفكارهم السابقة القائمة على التكفير ونشر الرعب ومحاولة تدمير البشر والممتلكات العامة.



إذن، البعد السياسي الأول الذي حمله خبر منح ميدالية «تينت» هو الاعتراف بدور المملكة وموقفها الراسخ من الإرهاب، وهو الموقف الذي بذلت فيه ومن أجله الكثير من الجهود لمحاربة الإرهاب في الداخل والخارج طوال عقدين ماضيين، حيث كانت المملكة من أوائل الدول التي تضررت من الإرهاب والفكر المتطرف على مستوى الدولة والمجتمع.



أما البعد السياسي الثاني الذي حمله خبر منح ميدالية «تينت»، فيتعلق بشخصية سمو الأمير محمد بن نايف نفسه، إذ إن دوره السياسي الداخلي والدولي ينطلق من رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي عهده بالمسؤولية عن «مجلس الشؤون السياسية والأمنية» في البلاد؛ لما رآه فيه من صفات الجدارة والكفاءة والصلاح، وهي الصفات التي رآها فيه والده الأمير نايف، وعماه الملك فهد والملك عبدالله رحمهم الله.



وتجدر الإشارة إلى أن خبرات الأمير محمد بن نايف لا تنحصر في الإدارة السياسة والأمنية، بل تمتد إلى خبرات مباشرة في اتجاهات عدة منها الاقتصاد والأعمال والدبلوماسية والاتصال والشأن الاجتماعي العام وغير ذلك؛ بما يكفي للقول عن الأمير محمد بن نايف إنه ليس رجل دولة فحسب، بل زعيم يدرك زعماء العالم قدره وأهمية دوره جيدا، حيث فرشت له السجاجيد الحمراء وفتحت له أبواب القصور واستقبل استقبال العظماء، بما يؤكد على الإجماع الدولي على أهمية دوره السياسي في إبراز جهود المملكة بإحلال الأمن والسلم الدوليين، بالإضافة إلى دوره الأمني والفكري في دعم سبل استتباب الأمن، ومنها مكافحة الإرهاب الذي يعاني منه العالم.



أما بالنسبة للبعد السياسي الثالث لهذا المنح، فيتعلق بعودة الدفء إلى العلاقات السعودية الأمريكية مجددا من خلال رسالة مضمونها الرؤية الموحدة والمصالح المشتركة والتي تستطيع المملكة وأمريكا من خلالها تكريس علاقتهما الاستراتيجية الممتدة إلى عشرات السنين لصنع مرحلة جديدة فيها من جوانب الشراكة الكثير.



وخاصة أن الإدارة الأمريكية الحالية تمر اليوم بظروف داخلية تدعوها إلى إعادة النظر في الفتور الذي حصل مع حلفائها الأقوياء خلال السنوات الماضية؛ مما يوحي بأن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس ترمب عازمة على البدء بدور جديد يخدم علاقة البلدين ومصالحهما المشتركة، وفي مقدمتها الحرب على الإرهاب.