عبدالله محمد الشهراني

أنت عبدي وأنا ربك!

الأربعاء - 22 فبراير 2017

Wed - 22 Feb 2017

تذكرت هذا الحديث الشريف على صاحبه أفضل الصلاة والتسليم، عن الرجل الذي ذهبت راحلته (ضاعت) في أرض فلاة خالية، فعندما وجدها «قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح» رواه مسلم. حالة مشابهة حصلت لي عندما سافرت إلى اليابان. كان مسار الرحلة طويلا، جدة - جاكرتا - هونج كونج - أوكيناوا، وكانت فيها مدة الترانزيت في هونج كونج ساعة كاملة، تلك المدة لم تكن كافية لالتقاط حقيبتي من الطائرة القادمة من جاكرتا لوضعها على الطائرة المتجهة إلى أوكيناوا اليابان.



القصة كالتالي، أقلعت الطائرة من جاكرتا وبعد قرابة ساعتين ونصف وصلنا إلى مطار هونج كونج، وجدت عند خروجي من الطائرة سيدة أمامي في نهاية الممر تحمل لوحة بها اسمي «قلت في نفسي وأنا متجه لها، يا سلام الظاهر إنه في واحد مضبطني درجة أولى وحركات، أو ربما مطلوب بسبب تشابه الأسماء، والذي يحصل لي دائما في مطار القاهرة، فالله المستعان»، مرحبا بك سيد عبدالله في هونج كونج (عبارة ترحيبية تدعو للتفاؤل)، أود أن أعتذر لك باسم شركة كاثي باسيفك عن عدم قدرتنا على وضع حقيبتكم في نفس الطائرة التي سوف تقلك إلى أوكيناوا، (طيب والحل؟) سؤال ألقيته عليها لكن لا أتذكر بأي لغة، سوف يتواصل معك الموظف المختص في أوكيناوا (تصريفة لا تدعو للتفاؤل)، يتوجب عليك الآن اللحاق بالطائرة، رحلة سعيدة سيدي (أنت خليتي فيها سعادة يا هانم؟)، في تلك الأثناء صغرت الدنيا في عيني إلى أن أصبحت في حجم الحقيبة، ولم أعد أرى سوى حقائب المسافرين، صعدت الطائرة وكلي هم وغم، كيف سوف أقضي قرابة الأسبوعين بدون ملابسي الموجودة في الحقيبة؟ وما هي الحلول والبدائل؟ هل أقوم بشراء كل المستلزمات ومن أين، أم أنتظر ربما سوف أستلم الحقيبة في أقرب وقت؟.. شاهي أو قهوة سيدي، هكذا وبأسلوب مباغت، (ناقصك أنا؟)، لا شكرا، ماذا عن الإفطار سيدي؟ لا شيء شكرا. وصلت الطائرة مطار أوكيناوا في اليابان، سيدة ولوحة مرة أخرى (يا فرج الله)، مرحبا بك سيد عبدالله في أوكيناوا (شكرا اللي بعده)، لقد علمنا بأن حقيبتك لم يتمكن الزملاء في هونج كونج من وضعها على نفس الطائرة، وأنا هنا لمساعدتك، أرجو منك تسجيل كافة معلومات مكان إقامتك لكي نتواصل معك لاحقا (تصريفة رقم 2).



صعدت إلى التاكسي والسائق يسأل أين حقيبتك؟ (حرام عليك يا شيخ، كفاية)، وفي طريقنا إلى الفندق كنت أرى محلات الملابس وأنا حائر بشأن القرار الذي سوف أتخذه، خصوصا أن اليوم التالي هو أول أيام المؤتمر، وأنا لا أملك سوى الملابس التي أرتديها، بنطال جينز وقميص كاروهات وجزمة رياضية (وأنتم بكرامة)، باختصار لا أحد منها يصلح لليوم التالي. وصلت الفندق، يفتح باب التاكسي عامل الفندق وهو يسأل، هل أنت نزيل لدينا، نعم، أين حقائبك لكي أساعدك (كلهم مستقصديني)، استلمت مفتاح الغرفة وصعدت إليها حزينا مهموما، بدأت أبحث عن أماكن التسوق في أوكيناوا بعد أن قررت أن أعتذر عن جميع اجتماعاتي في اليوم التالي، وبعد فترة طويلة من البحث والأفكار غالبني النعاس، واستيقظت على صوت جرس الهاتف، سيد عبدالله أتحدث معكم من الاستقبال، وصل موظف شركة كاثي باسيفك ولديه حقيبة يود تسليمها لك (أنا في حلم ولا في علم؟)، المهم أنني نزلت بحذاء الفندق (الأبيض) مسرعا، وعندما رأيت الحقيبة احتضنت موظف الشركة بعفوية، وتذكرت الحديث الشريف مباشرة عندما رأيت منظر الاستغراب في ملامح وجه الموظف، أخذت الحقيبة (وعملت لها زفة إلى الغرفة).



تلك هي القصة، وأما المستفاد منها فهو أن على جميع الشركات التي يصدر منها تقصير أو خطأ أن تكون على قدر المسؤولية في إعادة الحق أو التعويض، والأهم من ذلك هو ألا تنتظر من العميل أن يطلب حقه وأن يتابع ويتقدم «بمعروض»، فأنتم المخطئون والأجدر بكم إصلاح الخطأ وليس العميل هو من عليه أن يسعى ويتعب لكي يصلح الخطأ، لم تنتظر شركة كاثي باسيفك إلى اليوم التالي لترسل حقيبة الرجل الغلبان الذي لا يعرف قريبا ولا صديقا في تلك الشركة، لقد أرسلتها في نفس اليوم على متن الخطوط الصينية، وأوصلتها إلى مكان إقامتي دون أي طلب مني أو معروض.



هذه القصة تنطبق على جميع الشركات، طيران، اتصالات، بريد، وكالات السيارات... إلخ.



[email protected]