الانضباط المهني لا يقاس في أجواء الكوارث

الثلاثاء - 21 فبراير 2017

Tue - 21 Feb 2017

حادثة غرق الطالب نواف الأحمري، وحادثة غرق باص المعلمات في تعليم عسير، بسبب السيول الأخيرة التي شهدتها المنطقة، حادثتان تدلان على أن السلوكيات الإدارية الخاطئة بشأن ملابسات قرار تعليق الدراسة ما زالت مستمرة، وأن الإدارات تمارس نفس الطريقة في التعامل مع المواقف الطارئة بدون أي استفادة من حوادث الأعوام الماضية.

قد يتعطل المسؤول أو يتردد في اتخاذ القرار المناسب أوقات الأزمات، لأن هناك بنودا في اللائحة الوظيفية تحفز على تقديم المكاسب الذاتية بعيدا عن الحس الإداري الإنساني المسؤول، فكل الكوارث تأتي من وراء هذه الأنظمة في الغالب، لأن الانضباط هو سلوك لا يمكن قياسه في أجواء الأزمات والكوارث الطبيعية، وهو بند لا يحتمل التقييم في ملف إدارة الأزمات، إذ أثبتت التجارب حدوث عواقب وخيمة نتيجة مجازفات غبية طمعا في التقييم.

فمن تتحكم في قراراته المهنية مكاسب ذاتية متجاهلا الحس الإنساني فهو ليس مؤهلا لاتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بحياة البشر، هناك من يتوقع أن إدارة الأزمة اتخاذ قرار سريع مرتجل لحسم الموقف بدون افتراض لأي عاقبة سيئة حتى لو كان الاحتمال ضئيلا.

الإدارة الواعية للأزمات هي أن تبادر باتخاذ قرار مناسب من باب الحذر بعيدا عن أي مجازفة بحياة أحد، فحتى لو فرضنا ثبوت خطأ القرار لاحقا، فهو الخطأ الإيجابي لأنك اتخذته من باب الحرص وليس من باب المغامرة الغبية غير محسوبة العواقب.

وإذا كان تفوقك بسبب مجازفة نجحت بمحض الصدفة فهو تقييم غبي، لأن التفوق الحقيقي هو في حرصك الشديد ومبالغتك في الحذر على أرواح من تؤتمن عليهم، اخسر تقييمك الوظيفي بشرف على أن تكسبه بمغامرة غبية غير محسوبة العواقب، فرحمتك هي القرار الصائب في مثل هذه الأحوال، ونجاحك بسبب مجازفة غير مضمونة هو فشل وليس نجاحا.

فالانضباط سلوك لا دخل له بالظروف الطارئة، هو نمط حياة يفترض قياسه بعيدا عن أجواء الكوارث الطبيعية التي تحتمل حدوث الخسائر بنسبة كبيرة.