أحمد الهلالي

أيها المعقدون لا تعيقوا الجيل رجاء!

الثلاثاء - 21 فبراير 2017

Tue - 21 Feb 2017

في جل المجالس تسمع الشكوى من (جيل اليوم) سواء كانت مجالس اجتماعية أم تعليمية أم جلسات الوناسة حتى، فكل تصرف لشاب جامح ينسحب على الجيل بأكمله، وكل إخفاق أو لا مبالاة من شاب كسول ينسحب على الجيل كذلك، وكأن الأجيال السابقة (ملائكة) مميزون.



بنظرة منصفة لجيل اليوم، الجيل المختلف الجامح، أحدث صدوعا في الكثير من المنظومات الاجتماعية والإعلامية والدرامية والإبداعية، فانفتاحنا على العالم ستكون نتائجه مؤثرة بعمق، وجيل اليوم يقود ثورة إيجابية على الأغلال المفروضة، فقد وجد مجتمعات افتراضية تشاركه همومه، ولم يعد الوالد والمعلم وكبير العائلة وشيخ القبيلة هم المتحكمون في طرائق تفكيره، ونظرته للحياة.



أبناؤنا اليوم يقودون مجتمعنا، وسيحطمون الكثير من الأغلال والمحاذير والمحظورات التي كبلتنا، فها هي قيود (العيب) المهنية تتحطم قيدا تلو الآخر، وقيود العيب الفنية أيضا ستتبعها، وثورات على العادات الاجتماعية تظهر في رفض كثير من الشباب ـ على الأقل ـ للمشاركة فيها، وها هم بعض الشباب يتسنمون اليوم دور التوجيه الاجتماعي من خلال حساباتهم في مواقع التواصل، في ثورة على صراخ الواعظ، وتأنيب الكبار، ودبلوماسية المسؤول، من خلال ابتكار أساليبهم التي تجد طريقها إلى نظرائهم.



إني اليوم أرى ثورة أبنائنا على طرائقنا التقليدية في التعليم، وإن كانت ثورة صامتة، لكنها معبرة، حين أقرأ وجومهم وصنميتهم بمعنى (أنت لا تؤثر فينا ولا تقول ما يهمنا)، وأقرأ ثورتهم على تخشبنا الفني في ابتكار فنونهم المؤثرة كفن (الشيلات) الذي يهاجم باستمرار دون احترام لجماهيره العريضة، وكفنون الدراما (القصيرة) التي ثارت على غثاء الدراما المملة، وكفنون صناعة (نجوميتهم) الجامحة التي يهاجمها الكبار ويتفهونها باستمرار دون مبررات تذكر؛ لأنهم غالبا مقولبون ينطلقون من نظرتهم هم فقط للحياة، وفنون أخرى ربما لا أعلمها.



حين تبسط أحد الزملاء في تعامله مع طلابه على أسس (الصداقة) والمشاركة المتفاعلة، كسر نمطية العلاقة، فثار البعض عليه منتقدين؛ لأنه خرج عن القالب، وليتهم يتركونه ليروا أبعاد التجربة التي لن تظهر إلا بعد مدة.



لدينا شباب وثاب متطلع، لا يجب أن نقف في طريق جموحه وعنفوانه، بل يتحتم علينا صناعة المسارات الواسعة التي تناسب ركضه، وتستوعب إبداعاته، وفي ذات الوقت تملك الذكاء المناسب لتقويم سلوكاته، فقد خلقوا لزمن غير زماننا، وقولبتهم بقوالبنا السالفة لن تغير حالنا؛ لأننا بذات القوالب نراوح في مكاننا منذ أمد طويل، وإن فعلنا ذلك! إن فعلناه حقا؛ فإني لأستبشر بأجيال وثابة خالية من عقد المناطقية والقبلية والطائفية والنظرة السلبية للآخر والحياة، يتفاعلون مع العالم لصناعة واقع أجمل للوطن والأمة.



[email protected]