عبدالحليم البراك

(س. ل . ر . ع . أ . ن)

يمين الماء
يمين الماء

الاثنين - 20 فبراير 2017

Mon - 20 Feb 2017

هل سبق أن قرأت كتابا لأول مرة وأنت تعرف ماذا سيقول الكاتب في الصفحة الثانية، مؤكد أنك لن يفاجئك في القصة لأنك توقعت مسبقا ما يحدث، الأمر ممل؟



نريد من يجيب على سؤال آخر: هل نؤمن بالكوارث ونكفر بالفساد، فيصبح كل شيء كارثة وقضاء وقدرا وننسى أمر الفساد، أم إن كل كارثة هي بسبب فساد ما ولذلك تسقط الأحجار وتغلق الأودية وتغرق المدن؟



سؤال آخر ساخر بسوداوية، هل نؤمن بأن القضاء حكم على (س. ل . ر . ع . أ . ن) بالسجن خمسة عشر عاما في تزوير صكوك أو بيع وهمي ونهب عشرات الملايين دون أن نعرف (س. ل . ر . ع . أ . ن)، فقد يكون س هو حارس مدرسة أو إمام مسجد أو ليبراليا أو علمانيا أو عابر طريق. بينما نعرف من هجم على من في مستشفى رنية وأصابه ولم يقتله، وباشرت شرطة مكة المكرمة الحادث ووضعت الرأي العام في الصورة. سؤال آخر ساخر مؤلم: من جدة وحتى أبها نسمع، نعرف، يقال، مقال، اتهام، حقيقة، ليست حقيقة، وآخر ما يحدث: لا شيء!



قصة أخرى لم تحدث: لا توجد قضية معلنة بأسماء أشخاص وقعوا في أيدي العدالة بسبب رشوة أو فساد حقيقي أو تزوير! وكل ما نعرف هو شيخ تسلط عليه قطيع، أو ليبرالي نقي شوهت سمعته مجموعة معارضة!



القصص كثيرة، والحقيقة مغلفة، وحتى الآن لا توجد أسماء معلنة ولا قضايا معلنة ولا حقائق معلنة، ولذلك الرسالة: لا تخف لن يعرف أحد، وإن عرف أحد لن يخبروا عنك، وإن أخبروا عنك لن يحدث شيء، وإن حدث شيء لن يعرف اسمك، وإن عرف اسمك لن تعاقب، وإن عوقبت لن تفصل، وإن فصلت لن يعرف من أنت ولا قصتك ولا بدايتها ولا خاتمتها لأنها تنتهي بحكم على (س. ل . ر . ع . أ . ن) بالسجن.



قال صديق، طلبت من أحدهم مبلغا من المال، وقلت له: حضرت إلى منزلك عدة مرات ولم أجدك، فرد علي بدم بارد وهو يكاد يطير فرحا أو على الأقل الأمر عادي للغاية، قائلا: والله صار علي قضية اختلاس وكنت بالسجن ولكن الحمد لله!



هل تمت براءتك، هل أنت مختلس فعلا، لماذا فرحت للغاية يا (س. ل . ر . ع . أ . ن)، الجواب لأن الأمر عادي للغاية، وسيمر مرور الكرام ولو قدر الله عليه ورجع لنفس المكان لحدث ما كان يفعل بالضبط، لأن لا أحد متأكد تماما عندما اختفى ما فعل أصلا.



[email protected]