مانع اليامي

من ذاكرة العمل.. مناصب في حراج الشلة

الجمعة - 17 فبراير 2017

Fri - 17 Feb 2017

من الطبيعي أن تحتفظ ذاكرة الإنسان البعيدة أو القريبة ببعض الأحداث التي تعترض طريقه أو تواجهه أثناء سنوات عمله قلت أو كثرت، ومن الطبيعي أكثر أن تتنوع الذكريات بين المؤلم والمفرح، ربما تسود جلها الغرابة، ومن غير المستبعد أن تغلفها التحديات في كثير من الأحايين، لكن لا شيء يتسع للرصد أكثر مما يحدث في بيئة العمل خلال الفترات الانتقالية في المراكز التنفيذية، أي تغيير المدراء أو تدوير مواقعهم، في هذه المساحة تتغير جلود العاملين إلا من رحم ربي، المطبل فيما مضى يتحول إلى ناقد لمرحلة السلف، متظاهرا بالتحيز إلى الخلف، تفتح صناديق الأسرار وتسير القصص في الممرات وتتورم، ومع الأيام يكثر تداولها بين ناقد ناعم وآخر ناقم، وفي الوسط يلعب أدعياء النصح والإرشاد، وفي كل الأحوال يتصاعد مستوى الحديث عن أخطاء المرحلة الفائتة، وكأن القوم شهود على عصر أسود وغاب عنهم أنهم لا يكشفون سرا بل يسحبون الغطاء تدريجيا عن حقيقتهم الرمادية وواقعهم الباهت، فلولا وجودهم على افتراض صحة ما يسوقون له ما اسودت وجوه الأيام وكثر غبارها.



عموما، لا يصعب على المراقب ملامسة حالة التغير المفاجئة في سلوكيات بعض العاملين وأخلاقياتهم المهنية عطفا على كل حالة تغيير إدارية عليا. كم من الأشخاص يذرع الممرات ذهابا وإيابا للظفر بلحظة لقاء مع المدير الجديد لإعلان الولاء وتسجيل الموقف كعين واسعة لنقل المعلومات أو فتح ملفات الماضي كوسائل للمصافحة الحارة.



المؤسف أن جل المدراء يقعون في الفخ ويضعون أنفسهم رهن البرمجة وهم تحت تخدير الفرحة بالمنصب أو تأثير صدمة التعيين، وشيئا فشيئا تدور عقارب الساعة دون ضابط ويبدأ مشروع تصفية الحسابات، ولا ريب أن يتسع المجال لسلطة المحسوبيات، والمتوقع أن تتنفس الشللية خبثها في المكان وتظهر الصراعات الوظيفية، وهنا يضيع دور العاملين الأكفاء وتهتز جودة المنتج، ويبقى من الوارد أن تهب رياح المناطقية وتزكم الأنوف روائح العنصرية وهذه نتيجة طبيعية لدور المدير الهش المجهز للتعبئة، ذلك الذي لا يعيبه الانكسار في عيون الوطن وأهله من النخب والعقلاء.



ختاما، هذه النوعيات طعنت خاصرة الوطن وما زالت والسؤال كيف سيكون حال مرحلة التحول الوطني؟ كفى وبكم يتجدد اللقاء.



[email protected]