عبدالله المزهر

موسم الحلطمة

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 16 فبراير 2017

Thu - 16 Feb 2017

قلت بالأمس ـ وفقني الله ـ إن ما هو أسوأ من الفساد هو التطبيع مع الفساد، والتعامل معه كواقع وأن يصبح الحديث عنه مملا لا يهم أحدا.



أشعر ببعض الحرج حين أكتب كلمة «فساد» وكأني أتحدث عن تحليل مباراة كرة قدم في خطبة جمعة.



(هذا ليس وقته) من العبارات المألوفة التي تستخدم كرد على أي حديث عن الفساد والمفسدين.



ثم يبدأ الحديث بعد هذه العبارة عن الأعداء المتربصين في الخارج إلى آخر تلك القصة التي تعرفون. وأعداء الخارج موجودون ومعرفون وتتم مواجهتهم، لكن هذا لا يعني أن يتم تجاهل أعداء الداخل، وأعداء الداخل ليسوا نوعا واحدا، لكني أعني في هذا المقام الأعداء الذين لا يتعامل معهم أحد على أنهم كذلك، الفاسدون الأنانيون الذين يعملون فقط من أجل مصالحهم الخاصة وليذهب بعد ذلك الوطن ومواطنوه للجحيم. فكل لص أو فاسد أيا كان اسمه هو عدو للوطن ولا يختلف عن العدو الخارجي إلا في أن العدو الخارجي صريح وأهدافه مكشوفة ويخبرك بوضوح أنه يريد أن يفسد حياتك.



المقاول الفاسد، ومن دفع له ومن استلم منه ومن وافق على وجوده، ومن تعامل معه مرة أخرى. والمرتشي والراشي، والمسؤول الذي يرى كل مشروع جديد فرصة لزيادة أرصدته، والمنتفع من منصبه والمسؤول الذي يحمل المواطن مسؤولية كل كارثة تقع، أظن كل أولئك حتى وإن رددوا مئات العبارات والشعارات والقصائد عن حب الوطن فإنهم لا يختلفون كثيرا عن أولئك الذين يحملون السلاح في وجه الوطن ومواطنيه.



ليس ثمة فوارق كثيرة بين أن تكون في جيش العدو وتقتل جنديا يدافع عن الوطن وأن تكون مقاولا أو مسؤولا تقتل مواطنا في مشروع فاسد. الفكرة واحدة وأنت في كلا الحالتين قاتل. ربما كان الفارق أن القاتل في ميدان المعركة أكثر شرفا من القاتل دنيء النفس الذي يهمه جيبه أكثر مما تهمه حياة الناس الذين وثقوا به.



وعلى أي حال..



هذا الوقت هو موسم الحديث عن الفساد في كل عام، وأرجو ألا يغضب أولئك الذين لا يحبون «الحلطمة»، فهو موسم وسينقضي ثم يتغير الحديث إلى أن يحين الشتاء القادم.



[email protected]