عبدالله المزهر

عاصمة السباحة العربية!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 15 فبراير 2017

Wed - 15 Feb 2017

أتخيل ـ والعياذ بالله ـ أن يبدأ موسم الأمطار وينتهي دون أن يكون في القلب غصة من شيء ما، ثم أحاول طرد هذه الخيالات غير الواقعية والتي تبدو كأفلام الخيال العلمي التي لا أحب مشاهدتها.



أصبح من طقوس المطر الأصيلة ومن العادات العصية على الاندثار في بلادي أن نستقبل المطر بحمد الله ونودعه بشتم مسؤول ما غالبا لا نعرف من هو على وجه التحديد.

وعدالة المطر تتوزع سنويا بين المدن، ففي كل عام تزور مدينة وتكشف ما لا يراد له أن يكشف، وكل التصريحات والوعود والمقالات تغسلها زخة مطر واحدة فتصبح وكأنها لم تكن ولا يبقى إلا الواقع مكشوفا عاريا لا تغطيه الوعود، ولا العبارات الزائفة.



في أمطار أبها الأخيرة ـ وهي مثال وليست للحصر ـ كانت هناك ملاحظات لمن يريد أن يفكر ويتدبر ويتأمل. فالطرق القديمة في الغالب لم تتأثر كثيرا، والمباني القديمة لم تتسرب إليها المياه، لكن الطرقات الجديدة غصت بالمياه والمباني الجديدة تحولت أسقفها إلى سحاب ممطر وممراتها إلى أودية رخامية، وهذا يحدث في كل المدن تقريبا.



وأظن ـ لست متأكدا ـ أن الخصائص الفيزيائية والكيميائية للاسمنت والاسفلت والرمل والماء لم تتغير منذ أن اكتشفها الإنسان حتى الآن، ما زال الماء ماء والحجارة حجارة، لكن شيئا ما تغيرت طبيعته أدى إلى أن يصبح الماء كائنا متوحشا، وتصبح الحجارة كائنات ضعيفة تتهاوى أمام زخات المطر الخفيفة.



الذي تغيرت طبيعته وأصبح فاسدا هو الإنسان، ولعل ما هو أسوأ من الفساد هو التطبيع مع الفساد، واعتبار الحديث عنه حديثا مكررا لا فائدة منه. أو اعتبار الحديث عن الفساد سوداوية و»حلطمة»، وهذه الطريقة في التفكير هي الموضة السائدة هذه الأيام، وهي مكمل غذائي جيد للفساد.



وعلى أي حال..



تهدر مليارات على مشاريع ينخرها الفساد، ثم يدفع المواطن ضريبة هذا الهدر وينفذ الفساد بجلده وينتقل إلى مكان آخر. ينجو الفساد لأنه الأقوى والأقدر على البقاء، فالفساد الذي يجعل مدنا تغرق وهي على ارتفاع 3000 م عن سطح البحر لا شك أنه أقوى من أن تقاومه الكلمات.



[email protected]