راتب المعلم

الاثنين - 13 فبراير 2017

Mon - 13 Feb 2017

بين البيت والمدرسة وغلاء المعيشة وارتفاع الفواتير، كل شيء في صعود إلا المستثنى، وهو الراتب في تدهور ونزول.

هناك من ينظر إلى حياة المعلمين ويده في جيوبهم، ثم يرى نفسه رأي الناكر إلى مزايا عيشة وراحة باله.

فهو ينوح ويصيح بأن راتبه قليل جدا مقارنة بالمعلم، ولا يعلم أن عمل المعلم عمل متواصل يمتد إلى البيت، ففي البيت إعداد ذهني وكتابي، فكونك معلما هذا يعني ميزانية جديدة، من المساهمة ماديا في الأنشطة والمناسبات والاحتفالات المدرسية، إلى شراء الكتب ومستلزمات الدرس من أقلام وأوراق ومراجع، وهدايا تشجيعية ووسائل ورقية والكترونية وفلاشات ومجسمات..إلخ.

وحرص المعلمة على طفلها يدفعها لتأسيس حضانة في المدرسة (إذا تعاونت المديرة وخصصت مكانا للحضانة)، تتكفل بالتعاون مع الزميلات الأمهات براتب الموظفة، وتجهيز الحضانة بكل مستلزماتها.

ومثلث التعليم يقول معلم ومتعلم ومعرفة، وأصبحت الآن دائرة، من حاسب وحبر وورق وكتاب وأقلام سبورة ووسائل ومجسمات فقط، ونترك المتعلم ليدخل الدائرة متى شاء وكيفما شاء.

وكونك تتعامل مع عقول ناشئة غضة صغيرة، فأنت تحت المجهر ومراقب مراقبة شديدة من طالب وطالبة، ليس في رؤوسهم إلا المتابعة والمراقبة والنقد؛ فعليك أن تكون معلما ومربيا وداعيا وقدوة وأبا وقائدا، ومهندسا، وعالما بتخصصه، وموهوبا، المعلم هيكل واحد في داخله كل صانعي الهيكل.

وكل موظف خلف مكتبه، والمعلم يقف وراء المكتب، وقوف في الطابور الصباحي، ووقوف في الملاحظة، وجولة في البحث عن طالب يتوارى عن الأنظار، يقف المعلم وعقله يعمل في كل اتجاه، كاميرا بعقل، وعين بقلب، وجسم يترجم المعرفة التي يغرسها لا لينقلها.

والمعلم يمرض مرضين؛ مرض الجسم، ومرض الخوف على تأخره في المنهج، هذا إذا منحه الطبيب إجازة مرضية، والطبيب الذي صفته الرحمة مع الجميع، ينقلب إلى حجر أصم مع المعلم، فلا إجازة إلا إذا شققنا عن بطنك، أو حطمنا رأسك، والإجازة الاضطرارية فيها من الفيروسات التي تزيده بلاء ومرضا وندما.

وإجازة المعلم مقيدة بزمان محدد لا يتجاوزه، ومهما كانت ظروفه، فلن يتمتع بها إلا نهاية العام، في حين كل موظف في أي قطاع، يحق له التمتع بإجازته في التاريخ الذي يحدده.

أما عن بدل المواصلات فهو تقريبا 700 ريال، ويكلفه في الواقع أكثر من ألف ريال إلى ألفين، ولا أتحدث عن معلمي القرى، ولا بعد تطبيق السعر الجديد للبنزين كيف ستكون تكلفة المواصلات.

والمعلم حرم بدل السكن والتأمين الطبي، فهو شيطان لا يمرض، وهو شيء لا يسكن.

والمعلم يواجه مربع التنمر، طالب ورئيس وأسرة ووسائل الإعلام، هو قضاء على أحد رموز الأمة.

المعلم في حصة مدتها 40 دقيقة كل يراه فيها بشكل مختلف وبهوى منحرف، ولي الأمر يراه مقصرا، والمدير يراه جالسا، والطالب يراه ظالما، والمراقب يراه متأخرا، والمرشد يراه قاسيا، والمشرف يراه خاويا، يراقبه الكثير ولا يعلم عن معاناته إلا نفسه وضميره وأمانته.