هبة قاضي

كيف نكون قدوة في القرن الواحد والعشرين؟

دبس الرمان
دبس الرمان

الاحد - 12 فبراير 2017

Sun - 12 Feb 2017

لا بد وأنك كلما نظرت حولك قابلت عيناك شعارا انتشر في لوحات الشوارع، وربما صادفته في أحد المجمعات التجارية، وربما شاهدته في إحدى الفعاليات الرئيسية تحت عنوان: كيف نكون قدوة؟ والتي هي مبادرة فكرية، معرفية، طموحة، أطلقتها إمارة منطقة مكة المكرمة كباكورة مواضيع ملتقى مكة الثقافي في عامه الأول، وذلك بهدف تعزيز رؤية المنطقة ببناء الإنسان وتنمية المكان.



امتدت هذه المبادرة الطموحة لتشمل القطاعات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني لتحفزها على إطلاق مبادرات فعالة تدعم تطوير الخدمات وتدعو للتكامل ما بين هذه الجهات وما بين المجتمع. وتفاعلا مع هذه المبادرة قامت شركة أرامكو السعودية بإطلاق ملتقى (تطوعي قدوة) مصحوبا بمعرض للمبادرات المجتمعية الفاعلة، وجهات رسمية مصاحبة. وقد تم تخصيص اليوم الأول للحديث عن التطوع، فيما خصص اليوم الثاني للحديث عن القدوة والذي عرض مجموعة من الشخصيات ذات الخبرة في كل مجال وبمحتوى هادف يسعى لتحفيز الشباب وإحداث الأثر الإيجابي.



حقيقة إن موضوع القدوة هو أحد أكثر إشكاليات واقعنا الحالي، بسبب اختلاف المفهوم وضياعه في خضم المتغيرات الحديثة وسهولة ظهور أي شخص من خلال قنوات التواصل الحديثة. ولو أننا ركزنا في واقعنا المنتمي للقرن الواحد والعشرين ونظرنا حولنا إلى ما نعتبرها شخصيات عالمية، مؤثرة، مغيرة، وملهمة من أمثال بيل جيتس، رئيس شركة مايكروسوفت، وزها حديد المعمارية العالمية المبدعة، ونيلسون مانديلا مناضل السلام الأول، والدكتور أحمد زويل العربي الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء، وستيف جوبز مبتكر الايفون، ومارك زكابيرك مؤسس فيسبوكس وغيرهم كثيرون ممن ساهموا في تشكيل حياتنا وكيف نعيش.



فلو أننا تمعنا قليلا لوجدنا أنهم تجمعهم مجموعة من الأشياء التي يمكن أن نسميها (سمات الشخصية المؤثرة في القرن الواحد والعشرين). أما أولها فهي: البحث عن المشاكل. نعم نعم لم تخطئ القراءة، يجب أن تتعلم البحث عن المشاكل وعن الاحتياج وذلك لإيجاد حلول لها ومن ثم تحويلها لخدمات ومنتجات تطور البشرية (كتبت عنها في مقال سابق عنوانه تخصص في البحث عن المشاكل).



ثانيها: أن تكون متعدد الاهتمامات وربما متعدد المواهب بحيث تستطيع الربط بين التخصصات والعلوم والأفكار المختلفة للخروج بأفكار متكاملة وبعد شمولي يصنع التغيير الحقيقي (تجدون عنه أكثر في مقال سابق بعنوان عدم التخصص ميزة).



ثالثها: الإبداع والمبادرة في العمل بما تمتلكه من إمكانات مع ما منحتنا إياه التكنولوجيا والانفتاح المعرفي من فرص لصناعة شيء ملفت ومؤثر (تستطيعون القراءة أكثر في مقال سابق بعنوان كيف تبحث عنك الوظيفة).



وأخيرا: التأثير الاجتماعي والذي يعتبر مقياس وقتنا الحالي لقياس مدى نجاح مشروع من المنزل أو حتى مبادرة دولية للقضاء على الإرهاب.



عزيزي القارئ الذي ما زال يبحث لنفسه ولأولاده عن قدوة يمشي على خطاها، اسمح لي أن أقول إن نموذج القدوة المطلقة الوحيدة لا تتمثل إلا في رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام. وأنك في عصرنا الحالي لست بحاجة للبحث عمن تكون مثله بقدر ما أنت بحاجة لنماذج تتعلم منها وتقتدي بها في مجالات مختلفة. فليس أفضل من سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليكون قدوتك في القيادة، ومن الوزير غازي القصيبي ليكون قدوتك في الإدارة. ومن عبدالرحمن السميط ليكون قدوتك في العمل الخيري والدعوي. وأن يكون والت ديزني قدوتك في الخيال والإبداع، وغاندي قدوتك في الحكمة، والدكتورة خولة الكريع قدوتك في الإنجاز العلمي، وأحمد الشقيري قدوتك في التأثير الإعلامي، ومحمد الرطيان قدوتك في الكتابة الإبداعية.



وليس أفضل من أن يكون مليكنا سلمان قدوتك في الحزم والعزم. وربما نكون أبسط من ذلك فيكون جارك قدوتك في بر الوالدين، وتكون أمك قدوتك في الحب والتضحية، ويكون شخص رأيته في الشارع وهو يزيح فرع شجرة هو قدوتك في إماطة الأذى عن الطريق.



وكل ما عليك هو أن تجمع من هذه الشخصيات في تنوعها وغناها وإنجازاتها ما يناسب شخصيتك وذلك بغرض تعزيز فرديتك الخاصة التي لا تشبه أحدا والتي تميزك في ذاتك وتصرفاتك وفكرك عن باقي البشر. فكل ما عليك هو أن تكون قدوة في نفسك، وستصبح تلقائيا مؤثرا في غيرك. وهنا يكون التغيير الحقيقي والنماء الحقيقي.



[email protected]