القيم البصرية في فن الشطي

السبت - 11 فبراير 2017

Sat - 11 Feb 2017

يفتح التشكيلي الكويتي خالد الشطي بوابة الجمال من خلال نشر تعابير ذات دلالات بصرية في بانوراما تحاول تفكيك المعنى وترتيبه بأسلوب خلق نظرة متأنية لما يقدمه، في ملامح الوجوه والأشكال المتفاعلة مع العناصر البيئية في الفضاء بتدرج لوني ضوئي حول الرموز والغموض والتعتيم إلى مجال له جاذبية بالأحاسيس بين التذكر والحنين وبين الحقيقة والخيال وبين الرؤية والحلم بالحياة، فالألوان لها فلسفة خاصة تتجادل مع الوجود بحثا عن الاكتمال.



تشابك المدارس

ومن هنا يصنف المختصون في الفن التشكيلي لوحاته ضمن الأسلوب التعبيري، رغم تفاعله ببصمة ذاتية الملامح تتشابك فيها المدارس وتتناغم لتعكس رؤية جمالية وتناولا يتسم بالكثير من التعبيرات النفسية الذهنية التجريدية التي تخرج الحلم من بوتقة الخيال إلى اتساع الرؤية والمفاهيم، يستدرج المتلقي إلى الغوص في كنه البشر وتراجيديا الوجوه وملامح البيئة، لوحاته تمنح المهتمين الكثير من التفاصيل التي تفتح باب الفهم المتعدد والتحول بالفكرة من ذاتية الإنجاز إلى شمولية متشعبة الثنايا الذهنية التي تشرح بشكل سلس ومفصل لفهم المضمون وتجاوز أبعاد التي قد تتراءى للوهلة الأولى غامضة، فتلك الوجوه المثقلة بالشجن مستفزة وآسرة بصريا إذ تمنح اللوحة تعاطفا عفويا وتثير انفعالات مختلفة التأويلات من خلال تلك التقنيات الفنية التي تمزج المساحة واللون والضوء الذي يلقي على أدق التفاصيل التي تتفاعل في فضاء المنجز.



حبكة فنان

ملامح وشخوص الشطي تتمتع بحيوية وحركة تثار بحرفية متمرس وفي حبكة فنان، ويبرز قدرته في خلق قيم فنية جديدة تخرج بالمنجز الفني من سطح اللوحة لتحلق به نحو عمقها في ترويض للفكر الوجودي الذي يخلق الاستفسارات ويفتح طرق الفهم المتجدد كما يخلق ألفة متناغمة بينه وبين المنجز والمتلقي، فالشطي يتعامل معها بطابع مميز يضفي عمقا على أبعاد اللوحة في تماس الفكرة بشكل سلس، دون أن يتنصل من العلامات البصرية التي تعكس الجمالية في تفاعلات المضمون والفكرة الذاتية والنفسية والتعبير عنها لونا ومساحة وهندسة لتفاصيلها فالحركة الحيوية مريحة مطمئنة داخلها وهو ما يكسب المنجز دهشة التأمل.



ويقدم الشطي، صياغة متميزة لفن راقي الإحساس والفكرة، قادرة على اقتحام الأذواق المختلفة للمتلقي، الذي يسرد بدوره فهمه في تلك الدائرة الفنية وهذا ما يخلق حوارا بين المتلقي والمنجز يتناغم مع الفهم والإحساس، فهو تمكن من استدراجه نحوها للغوص فيها دون أن يملي عليه الفكرة بل ترك له حرية الفهم، ولعل هذا الأسلوب خلق تجاوبا إنسانيا في التعامل مع المضمون الفني دون أن تكون هناك قيود معلبة أو احتكار.



قيم بصرية

كل هذه القيم البصرية الجمالية خلقت لديه جرأة عبقرية حررته من التقيد بمدرسة فنية بذاتها فهو في المساحة محترف في الفن والجمال مكتمل التعبير الداخلي ومرتب لانفعالاته التي يخرجها بفنية وتناغم، فأعماله تولد من رحم فكرة حرة تراوغ القيود من حساسية التبعية لمدرسة بعينها، جرأة خلقت التنوع والتفرد في منجزه الذي لم يكن وليد الصدفة بل نتاج القدرة والمرونة التي مهدت له سبل الإبداع وتقدمت بمساره وسمحت له بترجمة موهبته عبر ما يقدمه من نتاج فني حقيقي يستحق التقدير، فهذه الجرأة الفنية أكسبته مكانة مميزة في الساحة التشكيلية الكويتية العربية والدولية.