عبدالله قاسم العنزي

شطارة المحامي.. أطلعك منها زي الشعرة من العجين!

الخميس - 09 فبراير 2017

Thu - 09 Feb 2017

مهنة المحاماة لها تاريخها العريق منذ العصور القديمة فهي مهنة الجبابرة، وكما يذكر في أساطير الأولين أن لويس الثاني قال «لو لم أكن ملكا لفرنسا لكنت محاميا»، والعرب لا تعرف مهنة المحاماة بوصفها المهني بقدر ما إذا حدث نزاع بين رجلين يقولون لكا منهما وكل حجيجا عنك، وصورة التوكيل بأن يقول وكلتك لساني لتحاجج عني في الخصومة، ثم أقرت الشريعة الإسلامية الوكالة في الخصومة فأصبحت مهنة المحاماة ضرورة المجتمع المتمدن بسبب العلاقات الشخصية والتجارية المتشابكة، والتي يقوم بعضها على التنافس والطمع وهضم الحقوق.

وأخذ انطباع عند بعض الناس أن المحامين كالسحرة يلقون بمذكراتهم القانونية على طاولة القضاء فيقلبون الحق باطلا، والباطل حقا.

وفي تقديري أن من وضع هذه الصورة السلبية هي الدراما العربية التي أظهرت المحامي أمام المجتمع كالساحر، ومن أبرزها فيلم «الأفوكاتو» الذي تدور أحداثه حول شخصية المحامي الذي أودع بالسجن كعقوبة لمدة شهر بسبب إهانته للمحكمة في إحدى القضايا، ويقوم المحامي بربط علاقة ملتوية مع تاجر مخدرات ليخرجه من القضية براءة، وأيضا فيلم «محامي خلع» وأحداثه أن سيدة ثرية تريد الطلاق من زوجها بسبب (الشخير) ولضعف مبررها لجأت إلى المحامي وزميلته المحامية ليخلصاها من زوجها بحكم من القضاء!

هذه الصورة التي صورها الإعلام «الهابط» للمحامي غير صحيحة، فالمحامي أحد الأركان التي تقف عليها العدالة بالمجتمع، ويبقى له دور إيجابي بوقوفه مع المظلوم الذي ضاقت به السبل، وأقفل عليه قفص الاتهام، أما في حالة مرافعة المحامي عن الأشخاص الذين يقعون بالخطأ ليس ليخرجهم منها كإخراج الشعرة من العجين – إذا جاز التعبير - إنما يسعى إلى تحقيق محاكمة عادلة للمتهم، وهذه أبسط ضمانات المتهم التي كفلتها الشريعة الإسلامية والقانون.

غير أنه لا يجوز الاعتداء في العقوبة حتى وإن كان الشخص مجرما في نظر المجتمع، فليس من المنطق والعدل أن شخصا يرتكب جريمة يعاقب عليها بعدد من السنين بالسجن، وهي لو كيفت تكييفا صحيحا لم تتجاوز العقوبة هذا الحد المبالغ فيه بالعقاب!

وهنا يأتي دور المحامي لمساعدة الجهات القضائية في تحقيق المحاكمة العادلة، فالسادة القضاة بشر وقد يخفى عليهم بعض البينات التي لا تكشف لهم الحقيقة، وأحيانا المدعي - أو المدعى عليه - لا يحسن صياغة الدعوى وتوضيح الحق الذي يطالب به، أو لا يحسن رد الدعوى وتوضيح براءته أمام القضاء، وقد جاء في الحديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض (فأقضي على نحو ما أسمع)»، فالمقصود أن المحامي حتى وإن دافع عن المتهم المخطئ، فإنما هو ليس ليثبت براءته إنما ليحقق له المحاكمة العادلة التي يتوازن معها قدر الجريمة مع قدر العقاب.