هبة قاضي

لابسني جني

دبس الرمان
دبس الرمان

الاثنين - 06 فبراير 2017

Mon - 06 Feb 2017

يسيء معاملة زوجته ويهمل أولاده، فلا بد أنه مسحور. وفلانة أصابتها حساسية في باطن يدها اليسرى، لا بد وأنها عين أصابتها في المناسبة الفلانية حين أشادوا بطبخها. وابن جارتنا متعثر في الدراسة ويكادون يخرجونه من المنحة، حسبي الله على الناس وعيونهم اللي ما تصلي على النبي. وابنة صديقتنا فلانة، تكاد تصل الثلاثين ولم تتزوج، رغم أنها جميلة ولا ينقصها شيء، وأكثر من واحد خطبها ولكن لا يتم الموضوع، يقولون يا كافي إنها متلبسها جني وداروا بها عليها على الشيوخ، ولكنه مارد وسيد قبيلة ويأبى الخروج.



شاهدت مرة مقطعا عجيبا في اليوتيوب حيث كان المتحدث على المسرح يتحدث عن قدراته الخارقة كساحر يستطيع تحريك الأشياء من بعيد من خلال تطويره لقدرات ذهنية عالية يستطيع من خلالها التحكم في الأشياء والأشخاص. وليثبت كلامه للجمهور قام بالطلب من أحدهم بالتطوع للصعود للمسرح لممارسة تجربة عليه. فقامت امرأة بالتطوع حيث أعطاها قارورة زجاجية، شفافة وفارغة، ثم طلب منها أن تتذكر شخصا آذاها وآلمها وأن تسترجع المشاعر السيئة التي ما زالت تشعر بها حيال تلك الذكرى، ثم تتخيل أنها تضع هذه المشاعر في الزجاجة. هل تعرفون ماذا حصل؟ لقد انفجرت الزجاجة! نعم انفجرت إلى قطع وتناثرت أشلاؤها حولهم مصدرة صوت فرقعة مدوية وكأنها عبوة ناسفة انفجرت وسط الحضور. فسر المتحدث الظاهرة بأن ما حصل هو أن المشاعر السلبية هي عبارة عن طاقة، والطاقة لديها القدرة على تحريك الأشياء، ودفعها، والأهم توجيهها وأنه حال دخول تلك الطاقة إلى الزجاجة فإنها لم تستطع استيعابها وانفجرت.



يمتلئ العالم بما نعتبره خوارق وأعاجيب، في حين أنها علوم ومعارف صنف بعضها بما وراء الطبيعة (ظواهر تم ثبوت وقوعها وما زال العلم عاجزا عن تفسيرها). وقد انقسم الكثير من الناس ما بين المبالغة في التصديق بها وخلطها بموروثات الأساطير، وما بين المكذبين لها والمنكرين لوجودها تماما. ودائما ما تكمن الحقيقة في تلك المنطقة الوسطى ما بين شدة الرفض وشدة القبول. نحن لا ننكر السحر، والجن، والحسد المذكورين في القرآن كإحدى المسلمات المرتبطة بالتصديق بكتابنا المقدس. ولكن المشكلة في اعتقاد الشخص بأنه مسحور أو أصابه الحسد أو المس هو تسليمه لما يعتقد أنه شيء أقوى منه، فيستسلم ويتماشى مع الحالة التي اعتقدها وما يصاحبها من أعراض توارثنا التصديق بها، وتوارثنا الاعتقاد بطريقة علاجها من شيوخ ومقرئين يكثر للأسف بينهم الدجالون والمدعون والمرتزقة.



أتذكر صديقة لي ظلت لسنوات تزور بيوت المقرئين والشيوخ بحثا عن حل لذلك الضيق الشديد الذي يجثم على صدرها ولكن بدون فائدة. وحين أصابتها فجأة أزمة شديدة وهرع بها أهلها للطوارئ تم ببساطة شديدة اكتشاف أن لديها ضيقا في الشعب الهوائية بسبب حساسية وراثية تهيجها الروائح القوية وتغيرات الطقس، وأن كل ما يلزمها هو استخدام دواء أصبحت بعده تتنفس براحة وطبيعية. كما رأيت الكثير من الناس الذين كانوا يعتقدون أنهم مبتلون بالسحر والحسد والمس، تتغير حياتهم رأسا على عقب حال إيمانهم بأن الله أعدل من أن يبتليهم بشيء لا مقدرة لهم على تغييره، وطلب المساعدة من مختصين ساعدوهم على تغيير أفكارهم وتبني معتقدات إيجابية قوتهم على وساوس الشيطان التي وعد الله في كتابه المقدس أنها أقصى ما يملكه على البشر. فببساطة إذا استزدت بمعلوماتك فسيزيد وعيك، وإذا زاد وعيك فستزيد طاقتك الإيجابية وتقل طرديا كل الطاقات السلبية التي تسببها وساوس النفس وتراكمات التجارب السابقة التي هي أشد فتكا على نفس الإنسان من كل شياطين الإنس والجان جمعاء.



[email protected]