غزل اليزيدي

المحكمة الجنائية الدولية.. الملاذ الأخير

الاحد - 29 يناير 2017

Sun - 29 Jan 2017

مؤخرا، كثفت الهيئات والمنظمات الإنسانية حملاتها لمطالبة الأمم المتحدة بإنشاء لجنة تحقيق دولية للتحقيق في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية محتملة في عدد من الدول. فعلى سبيل المثال، هناك مطالب دولية للأمم المتحدة بإنشاء لجنة دولية للتحقيق في جرائم حرب مزعومة وجرائم ضد الإنسانية في بورما بحق بعض قادة ميانمار العسكريين، والتي يرتكب جيشها أبشع الجرائم بحق المسلمين الروهينجا. يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية هي الجهة الرسمية الوحيدة المخولة بمثل هذا النوع من القضايا، ومحاكمة الأفراد من مجرمي الحرب ومرتكبي الفظائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري. المحكمة الجنائية الدولية (ICC) أو المحكمة العليا، تأسست سنة 2002 وهي أول محكمة قائمة على أساس المعاهدات. مقرها في مدينة لاهاي بهولندا وبإمكانها عقد جلساتها في أي دولة. هي منظمة دولية، دائمة ومستقلة، لا تتبع منظمة الأمم المتحدة ولا تتقيد بقوانينها ولكن هناك تعاون دائم بين الطرفين، حيث يحيل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القضايا ذات العلاقة للمحكمة الجنائية للنظر في فحواها وبدء التحقيقات. من المهم معرفة أن المحكمة الجنائية الدولية تختلف بشكل كبير عن محكمة العدل الدولية. فبينما محكمة العدل هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، تختص بالنظر في النزاعات التي تحدث بين المنظمات الحكومية أو الدول الأعضاء، نجد أن المحكمة الجنائية تختص بمحاكمة الأفراد على ارتكاب فظائع تصنف تحت مسمى جرائم حرب وضد الإنسانية، وتعتبر منظمة مستقلة، أي إن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة غير مجبرين على تنفيذ قوانينها. من ناحية أخرى، فإن سبب إنشائها هو الحد من الجرائم الجنائية الأشد خطورة والتي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره. فاختصاصها هو تعقب ومحاكمة الأفراد موضع الاتهام بأربعة أنواع من الجرائم، وهي جرائم الإبادة الجماعية، جرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، جرائم العدوان. جرائم الإبادة الجماعية تشمل أفعالا كالقتل أو القيام بفعل يسبب أذى يؤدي بشكل رئيس لهلاك مجموعة بناء على أسباب قومية أو دينية. جرائم ضد الإنسانية أي فعل يصنف من الأفعال المحظورة كالقتل العمد، التفرقة العنصرية، الإبعاد القسري. جرائم الحرب تشمل خرق جميع القوانين المنصوص عليها فيما يتعلق باتفاقية جنيف لسنة 1949، وانتهاك قوانين الحرب سواء كان نزاعا مسلحا داخليا أو دوليا. للمحكمة الصلاحية في قبول قضايا متهمين بارتكاب أي من هذه الجرائم سواء كانوا مسؤولين عنها بصفة مباشرة أو مساهمين فيها. وأخيرا جرائم العدوان، وعلى الرغم من عدم انتهاء الأعضاء من الوصول لاتفاق نهائي على تعريفها، إلا أنه عند الاتفاق عليها ستدرج المحكمة جرائم العدوان كإحدى الجرائم التي يحق مقاضاة مرتكبيها. اتفاقية جنيف تهتم بجميع جوانب قوانين حماية حقوق الإنسان الأساسية في حالة الحرب وما يترتب على هذا كالاعتناء بالمصابين، وأسرى الحرب وحماية المدنيين. اللجنة الدولية للصليب الأحمر كانت من أول من نادى بقيام هذه الاتفاقية. اختصاص المحكمة الإقليمي يعتمد إذا كان الأفراد موضع الاتهام ينتمون لدولة عضو أم لا، أو إذا قبلت دولهم غير العضو بمحاكمتهم في المحكمة الجنائية. أيضا، إذا وقع الضرر داخل أرض تنتمي لإحدى الدول الأعضاء أو إذا سمحت الدولة غير العضو بالمحاكمة في المحكمة الجنائية. وأخيرا، إذا تم تحويل القضية من مجلس الأمن للمحكمة الجنائية، وذلك في حال عدم محاكمتهم في دولهم. بالإضافة لهذا يمكن أن يتقدم للمحكمة 100000 متضرر ضررا مباشرا من فرد أو مجموعة قاموا بأفعال تندرج تحت مسمى جرائم عنصرية، إبادة جماعية، أو اضطهاد يرجع لأسباب عرقية أو غيرها، عندها تنظر الهيئة القضائية في المحكمة الجنائية في القضية للبت فيها. طبقا للقانون المحكمة تنظر فقط في القضايا المرتكبة بتاريخ 1 يوليو لسنة 2002 أو بعده وهو تاريخ إنشائها. أما بالنسبة للدول التي انضمت بعد هذا التاريخ، فتمنحها المحكمة 60 يوما من تاريخ مصادقتها على الاتفاقية ثم تنفذ جميع بنودها. من ضمن بنود الانضمام أن لا تتدخل الدولة العضو في الشأن الداخلي الأمني أو السياسي للدول الأخرى سواء كانت أعضاء أم لا. ميثاق روما، سبب إنشائه هو الأخذ بالاعتبار أن ملايين البشر عانوا في الحربين العالميتين الأولى والثانية، ووقعوا ضحايا خلال تلك الفترة لمختلف الفظائع غير الإنسانية. لذا، وجب وضع ميثاق وقانون لحماية حقوق البشرية في المستقبل. عدد من الدول وقعت على قانون روما رغبة منها بالانضمام للمحكمة الجنائية، ولكن بعد فترة سحبت طلبها، وبهذا لا تعتبر ملزمة بتطبيق قوانينها أو تنفيذ بنودها. فعلى سبيل المثال في عام 2000 وقع الرئيس بيل كلينتون للانضمام، ولكن في عام 2002 ألغى الرئيس جورج بوش الابن هذا القرار بحجة أن الدستور الأمريكي هو الذي يحدد النظام القضائي داخل أمريكا. بمعنى آخر، حتى لا تستغل أي دولة هذا القانون لمقاضاة أي من الأمريكيين نتيجة بعض أفعالهم في العراق، وأفغانستان أو بعثات حفظ السلام. أيضا ألغت إسرائيل عضويتها سنة 2002 خوفا من مقاضاتها بجرائم حرب وضد الإنسانية ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني كطردهم وتهجيرهم من بيوتهم وأراضيهم، وهذا يصنف ضمن الجرائم ضد الإنسانية، مما يستدعي مقاضاتها في حال كونها دولة عضوا. ختاما، وبعد محاولات استمرت سنوات، أصبحت فلسطين عضوا في المحكمة الجنائية بتاريخ 1 أبريل 2015، مما يعني أن لها الحق في ملاحقة مسؤولين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب أو احتلال. إسرائيل والولايات المتحدة ليستا عضوتين، ولكن يمكن محاكمة مواطني الدولتين في حال ارتكابهم جرائم على الأراضي الفلسطينية. ومن جهة أخرى، فكونها دولة عضوا يجب عليها تسليم من ترد أسماؤهم في قائمة المطلوبين سواء كانوا فلسطينيين أو غيرهم ممن على أراضيها.