بسام فتيني

تعايش

راصد بلا مراصد
راصد بلا مراصد

الاحد - 29 يناير 2017

Sun - 29 Jan 2017

منذ أن بدأت الكتابة في بدايات 2010 أواجه أحيانا هجوما شرسا بسبب بعض الآراء التي كنت وما زلت وسأظل أعتقد بأن من حقي أن أجهر بها طالما كانت في حدود طرح الرأي الشخصي الحر، دون إجبار أحد على الانصياع، واتباع ما أقول، ودون المساس قطعا بالثوابت (حتى نغلق باب المزايدات)، فمثلا أذكر حينها كتبت مقالا عنوانه (معالي وزير العمل – كفاية إحراج)، وكنت أطالب فيه وزير العمل آنذاك المهندس عادل فقيه بقصر العمل في محلات اللانجري والمستلزمات النسائية على الفتيات السعوديات! وكانت حينها مطالبة فسرت بأنها تجاوز وإخراج الدرة المكنونة من خدرها وغيرها من حزمة الاتهامات المعلبة الجاهزة!، ثم جاء أمر الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز بتأنيث هذه الوظائف وبقوة النظام، وما كنا ننتظره من وزير جاء بأمر الملك.



والعجيب الغريب المريب (والله يشهد على ما أقول) أن عددا كبيرا من المعارضين لمقالي المذكور (وبعضهم من المقربين مني) تحول موقفهم 180 درجة! بل وأصبحوا يطلبون مني التوسط عند من أعرف لتوظيف بناتهم وأخواتهم في هذه المحلات!



ولا ننسى حينها كمية الاحتساب (الاجتهادي) من البعض والذي كان يصل لحد إيذاء الموظفات العاملات لفظيا كما حدث في أحد المراكز التسوقية في مكة المكرمة! واليوم تدور الدوائر مرة أخرى في أمور عديدة وجب إعادة النظر فيها، فنجد من يفسق ويزندق كل من طالب بسينما أو بتنظيم حفلات غنائية، ولا أدري لماذا يحاول البعض احتكار الدنيا وما فيها ضمن معتقداته هو، ثم إن افترضنا جدلا أن السينما حرام، والحفلات حرام، فهل هذا يخولك أنت الفرد رمي التهم لي وإخراجي من الملة!



ماذا لو تعايشنا سويا كل يحمل قناعاته ويجتهد لإيصال وجهة نظره بهدوء وترك الخيارات للشخص وهو من يقرر؟ ما المانع أن تكون لدينا حفلة في جدة، ومخيم دعوي في مكة، وصالة سينما في الطائف، لتكون كل الخيارات المتعددة متاحة للجميع؟ وأقول دائما للمعارضين حين يتم السماح لأمر ما فهذا لا يعني إجبارك على ممارسته أبدا، فمثلا لو سمح بقيادة المرأة السعودية للسيارة في بلادها، فهذا لا يعني إجبار من لا ترغب على القيادة!



خاتمة، حين كان جار خير خلق الله يهوديا، لم يؤذه رسولنا الكريم بل تعايش معه واستعار درعا منه، فهل ضقنا ذرعا من بعضنا كمسلمين يجمعنا وطن واحد وراية خضراء واحدة فنستصعب التعايش؟