آلاء لبني

صمت وزارة العمل

الخميس - 26 يناير 2017

Thu - 26 Jan 2017

دراسة الواقع بمكوناته وتحليل الوضع الراهن يعدان أساس الارتكاز على تشخيص المشكلات والتخطيط بشكل شامل وتنمية مستديمة، لا أعتقد أن وزارة العمل تعي بشكل تفصيلي واقع سوق العمل والقطاع الخاص وحجم المشاكل التي يواجها، فقد تأخرت دوما في تقديم الدور المطلوب منها.



نستشهد بما حصل في الأيام السابقة من تبرؤ وزارة العمل من تصريحات مدير فرعها بمكة عبدالله العليان الذي اعتبر فصل الموظفين في القطاع الخاص تحت ما يسمى الأزمة الاقتصادية أمرا غير صحيح، وأن الوطن ينعم بخيرات كثيرة والميزانية خير شاهد.



كلمات تستحق التأمل وبما أن الوزارة لا تتفق مع العليان كما جاء في بيانها، الأولى إذن أن تطلعنا على أمرين عن طريق متحدثها الرسمي، الأمر الأول في وضع القطاع الخاص وحقيقة فصل أعداد كبيرة منه، أما أن تختار الصمت فلا أظنها أفلحت ولا قدمت حتى الشفافية المطلوبة منها، فهي المسؤول الأول عن مراقبة التوظيف والفصل في القطاع الخاص، أما حديث العليان فهو حديث أقرب للتمني والأمنيات ولا يمت للواقع بصلة، فإنكار الأزمة في العام المنصرم جهلا يعد نقطة ضعف، نعم ننعم بالخيرات والأمن والاستقرار الذي لا تمتلكه بعض الدول العربية، ولكن قيمة الاقتصاد لا تقرأ فقط من أرقام الميزانية؟! انخفاض سعر البترول وما تبعه من تداعيات عديدة ومتشابكة أثرت على سوق العمل، هل تعلم وزارة العمل أن الفصل في إحدى الشركات الكبرى بلغ 1500 موظف خلال العام السابق من السعوديين وغير السعوديين. ما معنى هذا؟ هل يعني أن الشركة تتحجج بالأزمة وهل كانت تدفع الرواتب سابقا ترفا! بل معناه بشكل بسيط أنها تعاني من تراجع دخلها وتكافح لتقليل المصروفات.



في الاقتصاد لا مكان للعواطف تقليل المصروفات أمر يمثل شريان الحياة لبعض الشركات، إنكار الأزمات والدورات الاقتصادية أمر غير سليم، الحكمة تنطلق من حسن التصرف وفهم معطيات الحاضر والمستقبل، وفي قصة يوسف توجيه رباني بالتخطيط المستقبلي الذي يكفل الأمان والاستقرار لأي ثروة اقتصادية، قال تعالى «ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون * ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون».



الأمر الثاني الجدل حول الاستغلال السلبي لقانون 77-78 في نظام وزارة العمل والذي يستطيع صاحب العمل بموجبه إنهاء خدمات الموظف بدون سبب قانوني بمقدار تعويض محدد حسب المدة المتبقية من العقد وراتب شهرين.. إلخ، أما في النظام القديم يستطيع الموظف اللجوء للقضاء للتعويض أو حتى الرجوع للعمل إذا فصل بدون سبب قانوني.



لكلا النظامين السابق والحالي عيوب كبيرة، سابقا ازدادت القضايا العمالية بشكل كبير، وكما وفرت الحماية للموظفين، ولكن بعض الموظفين الكسالى والذين لا يورطون أنفسهم بمشاكل قانونية، مثلوا عبئا على المنشآت بضعف إنتاجيتهم وعدم مبالاتهم بالتطوير والجودة، وأما النظام الحالي فيعطي الإمكانية المطلقة للمنشأة والشركة للاستغناء عن الموظف بتعويض محدد.



حين ننظر بصورة أكثر عمقا وشمولية ونحلل الأوضاع السابقة والمستقبلية بأدوات علمية، ونبحث عن احتياجاتنا لتوليد وظائف جديدة تعتمد على إنتاج المنتجات وتصنيعها، سوف نرسم صورة متكاملة تسهم في تحقيق النماء الكمي والنوعي لسوق العمل.