المحيميد: العمل السردي الروائي أبو الفنون وليس المسرح

الثلاثاء - 24 يناير 2017

Tue - 24 Jan 2017

u064au0648u0633u0641 u0627u0644u0645u062du064au0645u064au062f
يوسف المحيميد
أكد الكاتب والروائي يوسف المحيميد أن العروض المسرحية والمعارض التشكيلية والأمسيات الشعرية جميعها ملهمة للكاتب بشكل أو بآخر، فقد يصنع من موقف ما يشاهده في تلك العروض قصة قصيرة أو يخلق ملامح لشخصية جديدة في رواية.



جاء ذلك خلال حضوره لمهرجان الفرق المسرحية الرابع، وقد كانت الفرصة متاحة لحديث خاص مع المحيميد عن المسرح والرواية، وعن جديد صاحب (القارورة) و(نزهة الدلفين) و(فخاخ الرائحة)، وغيرها من الأعمال التي ترجم بعضها وحقق جوائز عالمية.



1 عرف عنكم الحضور في مناسبات فنية وأدبية عدة، ما الذي يشد يوسف المحيميد إلى عروض المسرح بوجه خاص؟

بالنسبة لي أحب الاستفادة من كل هذه العناصر التي تشكل الثقافة عموما سواء المعارض التشكيلية أو الأمسيات القصصية أو الشعرية أو العروض المسرحية، هذه العناصر معا ملهمة للكاتب بشكل أو بآخر، عندما أحضر عرضا مسرحيا فربما لقطة ما أو مشهد ما يضيف إلى نص رواية أكتبها الآن، أو يحرك في شخصية لدي أو يغير فيها، أو ربما قد يكون هذا المشهد ملهما لكتابة قصة قصيرة.

هذه الأجناس الأدبية سواء المسرح أو القصة القصيرة أو الرواية بالإضافة إلى الفنون البصرية المختلفة سواء الفن التشكيلي أو الفوتوجرافي أو السينما كلها في نظري تشكل ثقافة الإنسان عموما كمتلق، وبالتأكيد لها تأثير على الكاتب، فكل ما يشاهده بشكل يومي يلهمه لتطوير أدواته الفنية.



2 هل لديك معاييرك أو اختياراتك الخاصة في الاطلاع على جديد العروض المسرحية؟

دائما أميز بين المسرح الحقيقي الجاد الذي يتكئ على نص مكتوب وبين المسرح التجاري الذي يعرض أحيانا في الأعياد وغيرها، وأفضل النوع الأول لأنه ملهم ليس فقط على مستوى النص بل حتى على المستوى البصري، اليوم في عرض (غارة) مثلا شاهدنا تأثيرا بصريا جميلا واستخداما لافتا لتقنية خيال الظل سواء من الداخل أو الخارج، حركة الممثلين خلف هذا الخيال كانت مثرية أيضا، هذه المحفزات في المسرح الجاد الذي يعمل على النص والإخراج بشكل حقيقي هي ما أبحث عنه في التجربة المسرحية.



3 السرد هو الأرضية التي يقف عليها المسرح والرواية أيضا، لكنه يختفي هناك ويبرز هنا، ما هو السبب برأيك؟

الأمر يشبه كتابة الرواية وتحويلها إلى عمل درامي تلفزيوني مثلا، أعتقد أن كاتب النص ملتزم بنصه فقط، وفيما بعد يتحول هذا النص إلى المخرج أو المعد، بالتالي هي تشكيلة متكاملة وعمل جماعي.

النص المسرحي ليس بالضرورة ما نراه على الخشبة، وإنما هو مانقرؤه، ولهذا لا يستطيع المتلقي أن يحاكم العرض، قد يكون النص متفوقا على ما تم عرضه وقد يكون العكس، فيأتي العرض أكثر ثراء من المكتوب

.

4 هل تتفق أن المسرح بعناصره الإخراجية يخلق حالة شعورية ليست موجودة في الكتابة؟

لا أتفق مع هذه الفكرة، حتى النص الروائي توجد فيه جميع هذه العناصر، حينما يكون إيقاع الرواية متسارعا ثم متباطئا يشبه الموسيقى ولا تكاد تفصله عنها، كما أن حضور المشهد البصري موجود في الرواية عبر الكلمات والمفردات، كل العناصر موجودة بل على العكس النص السردي خاصة في الرواية يستلهم جميع الفنون بلا استثناء، ويتمرد ويصل إلى التوثيق والتاريخ والفلسفة وغيرها، وليسمح لي المسرحيون، العمل السردي الروائي هو في نظري أبو الفنون لأنه يستطيع أن يستلهم كل هذه الأشياء.

5 لك عدد من الرحلات الثقافية الخارجية، هل تذكر خلالها عملا مسرحيا ظل راسخا في ذاكرتك؟

أتذكر أنني حضرت في العام الماضي عرضا مسرحيا متميزا ولافتا في مسرح العناقر في مصر، كنت حينها بصحبة الأستاذ فهد الحوشاني، كان العمل مستلهما من رواية عالمية، وكنت أقول: لماذا لا تنجز هذه الأعمال لدينا، من خلال استلهام الروايات سواء كانت عالمية أو عربية أو حتى محلية، خاصة أنه بالإمكان أن تأخذ جزءا من نص الرواية وتضخمه وتصنع منه مسرحية كاملة.

وفي الحالة السينمائية مثلا نماذج كثيرة، واستمتعنا بفيلم الكتكات للفنان محمود عبدالعزيز، وهو في الأساس مأخوذ من رواية (مالك الحزين) لإبراهيم أصلان، هو لم يأخذ الرواية كاملة، والتي سبق لنا قراءتها، ولكننا فوجئنا بأنه خرج منها بنص سينمائي عرض بشكل مذهل.



6 ما هي مقومات العمل الذي يجعل يوسف المحيميد يخرج راضيا من قاعة المسرح؟

حين تتلقى العمل المسرحي فمن الوارد أنك ستتلقى كثيرا من العناصر اللافتة، ومن الطبيعي كذلك أن تجد خللا ما، في أي عمل إبداعي لا يمكن أن تجد شيئا متكاملا، قد تشاهد حركة ومؤثرات بصرية جميلة، وتشاهد موسيقى ورمزيات معبرة، ولكن الأداء الحواري قد لا يكون موفقا في الوقت نفسه، وتكتشف أنه لم يكن قويا بما يوازي هذه العناصر.هذا هو جمال الإبداع، لأننا كلما نجحنا في بعض المشاهد والتفاصيل وأخفقنا في جوانب أخرى رغبنا في إنتاج عمل متكامل.



7 لك معرفة عميقة برواياتك بالطبع، لعلك تكشف لنا ما هي أكثر هذه الروايات قابلية لأن تكون عملا مسرحيا؟

ربما العمل الذي أكتبه الآن، فهو يعتمد على شخصية واحدة، ومعظم النص عبارة عن تداع، وهذا يدخله في مفهوم المونودراما، أعمالي السابقة بسبب تعدد الشخصيات والأماكن ربما لا تكون مناسبة للمسرح، ولكن كما قلت لك، ربما يمكن أن يلتقط منها جزء ويبنى عرض مسرحي عليه.



8 هل ترى أن الأعمال الأدبية والفنية قد تجاوزت مرحلة الانشغال بالتابو، ودخلت مرحلة التجريب الفني؟

لا أفصل بين التجريب الفني وموضوع التابو، على المبدع سواء كان روائيا أو مسرحيا ألا يهيمن هذا الهاجس عليه كيلا يتحول إلى ما يشبه الادعاء المجرد لمصادمة التابو، وبالتالي التخفف من الجماليات الفنية للنص.

يجب أن توازن بين كل هذه الأشياء، وأن تكون الجماليات سواء كانت في المسرح أو في الرواية حاضرة وقائمة باستمرار، دون أن يكون لدى الكاتب أو المخرج ذلك الرهاب المتعلق بالصدام مع التابو بجميع أنواعه.