الرؤية حقيقة.. بعقلية كوادر تجعلها واقعا

الاثنين - 23 يناير 2017

Mon - 23 Jan 2017

أدرك تمام الإدراك بأن الكثير تناول موضوع الرؤية 2030 وربما بإسهاب وتوسع، ولكن ذلك التناول غالبا ما كان في إطار التهليل بالرؤية وبمكاسبها الكبيرة للوطن وبأنها ذلك المنقذ لاقتصاده في ظل تراجع أسعار النفط، بالإضافة إلى أنه قد لا يكون الركيزة الأولى للاقتصاد مستقبلا، وهذا ما جعل التفكير في الرؤية 2030 كبديل للنفط.



ولكن قد يخطى من يمجد الرؤية وبشكل مطلق أو أن ينتقد الرؤية لمجرد الانتقاد فالرؤية مثلها مثل أي مشروع في بدايته يحتاج إلى أشياء كثيرة، سواء في المال أو المباني الحديثة إلى آخره من الأشياء المادية التي بلا شك هي موجودة أو لنقل يسهل إيجادها، ولكن لنجاح أي رؤية فذلك ليس كافيا، بل إن محاولة نقل رؤية اقتصادية ناجحة في بلد ما إلى بلد آخر قد لا تنجح رغم أنها تحمل نفس المعطيات والخطط، ولكن ثقافة البلد ونوعية الفكر المتعاطي مع هذه الرؤية أو تلك قد لا يسهم في نجاحها، لذا فالفكر يمثل قدرة الكوادر البشرية على تحويل الرؤية من حلم على الورق إلى حقيقة قادرة على إحداث نقلها إلى هذا المجتمع أو ذاك.



وهذا ما يعطي دلالة واضحة على أن نجاح الرؤية الاقتصادية لأي دولة يعتمد على الكفاءات والكوادر البشرية القادرة على استيعاب مفهوم الرؤية والعمل على نجاحها من خلال خطط مثالية شاملة وبعقلية أكثر انفتاحا نحو الجديد.



عقلية تدعم كل من يعمل تحت إدارتها وتكون قادرة على رفع مستوى الكفاءات واستخراج مكامن الإبداع بها ودعمها لمواصلة الإبداع والابتكار الفكري الذي يسهم في اختصار مرحلة البداية إلى مراحل أكثر تحولا مضيئا نحو المستقبل ومسايرة خطواته المتسارعة والتي في نهاية المطاف ستشكل (شفرة) ذات خصوصية يصعب (فكها) بطرق وأفكار قد لا تكون (متوافقة) مع الطفرة الفكرية ولن نقول (بدائية)، وهذا ما يجعل كل رؤية مستقبلية مرهونة بالأفراد المتعاطين معها!



فهل يملكون الفكر الموازي للتطلعات والطموح والتجاوب مع هذه الرؤية أو تلك، فالصعوبة دوما لا تكمن في الرؤية والمال! بل في إعداد كوادر تؤمن بالغد المختلف عن اليوم الذي نعيشه وإيمانها بالغد يجب أن يكون أكثر من إيمانها بلغة الفكر القابع في أزمنة مضت بكل ما فيها واستحضارها من قبل البعض إلى حاضر مختلف، أو شيء من هذا القبيل يعد كارثة ويشكل ضربة قاضية لكل ذلك الجهد المبذول لخلق حاضر يحاول أن يمتلك لغة العالم الحديث الذي



لا يؤمن (بالروتين)، (البطء الفكري)، و(الاستنساخ لمجرد الاستنساخ)، كل ذلك لن يجدي مع عالم الانطلاق فيه يجب أن يكون مرتكزا على قواعد وفكر يدير دفة هذه القواعد وتحويلها إلى حقائق على أرض الواقع، تجعل من مواجهة العالم الحديث أكثر ندية واستيعابا لفكره وأبعاده متعددة الاتجاهات، وذلك لا يتحقق إلا بالفكر المتجدد المتحرر من قيود الأفكار البالية (التي أكل عليها الدهر وشرب) ولم تعد صالحة إلا لتكون في إحدى زوايا متحف يضم إحداثيات زمن مضى ولم يتبق منه سوى (كان يا ما كان)، زمن لم يعد يصلح لرؤية تحاول أن تخاطب المستقبل بلغته وفكره وطموحه غير المحدود واللحاق به، وذلك لن يتحقق إلا بعقول أكثر انفتاحا نحو الجديد تجيد (فك رموزه) المشفرة فقط على بعض العقول التي تعيش في مرحلة لم تعد حديث اليوم ولن تكون رؤية المستقبل!