محمد العوفي

وظائف السعودية للسعوديين!

الاثنين - 23 يناير 2017

Mon - 23 Jan 2017

«وظائف السعودية للسعوديين»، هل ستكون هذه العبارة شعارا فعليا المرحلة القادمة أم سترتفع أعداد تأشيرات الاستقدام كما هو في الأعوام السابقة، وقبل الحديث عن هذه المرحلة، هناك رقم مغيب في حسابات سوق العمل رغم أهميته كمؤشر في قياس النمو الاقتصادي لأنه يرتبط بقدرة الاقتصاد على خلق وظائف جديدة، وهو كم عدد الوظائف التي استطاع الاقتصاد توليدها شهريا أو سنويا خلال الأعوام الخمسة السابقة؟ وما نوع هذه الوظائف؟ وكم عدد الوظائف التي يمكن شغلها بسعوديين؟ ومنها يمكن بناء مؤشرات صحيحة حول سوق العمل، ومدى الحاجة للاستقدام من عدمها.



أعتقد أن حساب هذا الرقم ليس بالأمر الصعب ولا المستحيل، لكن لا أحد يتنبه له أو يأخذه في الحسبان في مؤشرات سوق العمل نسيانا أو تجاهلا، أو أن هناك اعتبارات خفية لا نعرفها ولم يصرح بها أحد، وبقي التركيز منصبا على حصر عدد التأشيرات التي صدرت للقطاع الخاص فقط دون سواها من مؤشرات نشاط سوق العمل، ولا أعرف ما هو موقف وزارتي الاقتصاد والتخطيط والعمل من تجاهل هذا المؤشر المهم، والسكوت حيال الارتفاع المضطرد في أعداد التأشيرات الصادرة للقطاع الخاص في ظل ضعف الوظائف التي يولدها إجمالا؟



فأعداد التأشيرات التي صدرت خلال الأعوام الخمسة الماضية للقطاع الخاص وحده كانت على النحو التالي: 1.2 مليون تأشيرة عام 2011، و1.6 مليون تأشيرة عام 2012، و950 ألف تأشيرة عام 2013، و1.6 مليون تأشيرة عام 2014، ومليونا تأشيرة عام 2015 تتجاوز قدرة الاقتصاد بمراحل، فعلى سبيل المثال أقل عدد للوظائف التي ولدها القطاع الخاص كان 80 ألف وظيفة في 2013، وأعلاها 166 ألف وظيفة في عام 2015 للأجانب وحدهم دون الموظفين السعوديين الذين تم توظيفهم في القطاع الخاص، وتتبين أرقام من جهة إلى أخرى، والسؤال الأهم، هل كان الاقتصاد فعلا قادرا على توليد هذه الأرقام الكبيرة من الوظائف؟



الإجابة لا، قياسا على عدد الوظائف التي تولدها الاقتصادات الكبيرة التي يبلغ حجمها ضعفي قوة الاقتصاد السعودي، وإذا افترضنا جدلا صحة هذه الأرقام، كم عدد الوظائف التي كان يمكن أن يعمل بها ويشغلها السعوديون؟ ولا سيما أن مقولة عدم جدية السعوديين لم تعد صالحة ونسفتها تصريحات مديري شركات أجنبية تعمل في السوق السعودية، كالرئيس التنفيذي لداو كيميكال والرئيس التنفيذي للولو هايبرماركت على هامش مؤتمر دافوس العالمي، إذ وصفا الشباب السعودي بأنه مثال للكفاءة والجدية والتميز.



الأرقام تؤكد أن عدد التأشيرات التي منحت للقطاع الخاص خلال السنوات الخمس الماضية لا تتناسب مع قدرته على خلق وظائف جديدة، وأنها تتجاوز بكثير عدد الوظائف التي يحتاجها، وأنها كانت أشبه ما تكون بمكافأة تمنح للشركات التي توظف عددا أكبر من الموظفين السعوديين وفقا لبرامج نطاقات وما شابهها من برامج، إذا كان هذا الإجراء هو المتبع فعلا، فمصيبتنا أكبر وأشمل وأعم.



في حين أن المعادلة الصحيحة في سوق العمل، أن التأشيرات لا تمنح جزافا لكل من أراد أن يستقدم ما لم تكن هناك حاجة فعلية، وأن وظائف السعودية للسعوديين أولا، فليس من المعقول أن توجد وظائف يمكن أن يشغلها سعوديون كوظائف التدريس في المدارس والجامعات والمعاهد الخاصة، والمحاسبة والتسويق والموارد البشرية، والوظائف الإدارية، ووظائف التأمين، والوظائف الفنية الأخرى.. وغيرها، ويعمل بها غير السعوديين، ولا سيما أن جميع دول العالم، بما فيها دول العالم المتقدم تمنح أولوية التوظيف لمواطنيها وتضع شروطا قاسية لذلك، ومتى ما لم يوجد سعوديون يشغلون هذه الوظائف جاز الاستقدام وفق شروط واضحة وصريحة ومحددة، أهمها وجود حاجة فعلية، وأن يكون متناسبا مع نمو الاقتصاد وقدرته على خلق فرص وظيفية للسعوديين أولا.



[email protected]