عبدالله الجنيد

جنرالات الرئيس

الاثنين - 23 يناير 2017

Mon - 23 Jan 2017

ها هو دونالد ترمب الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة الأمريكية، ولينتقل العالم من حالة الترقب إلى الأمر الواقع. فحتى خطابه الأول لم يتجاوز وعوده لناخبيه بإعادة الولايات المتحدة قوية وقائدة للعالم دون سواها، وبإعادة الازدهار عبر البناء بيد الأمريكان، وبأن كل سياساتها الداخلية والخارجية ستكون لخدمة الولايات المتحدة أولا ودائما.



«اليوم أعيد إليكم أمريكا التي اختطفت منكم من قبل واشنطن بمؤسساتها السياسية وساستها».



الرئيس ترمب لن يتخلى عن شخصيته المتعجرفة لأنها جزء من تكوين شخصيته غير السياسية أساسا، مع ملاحظة إضافته (القبضة) والمعطف الطويل وكأنه يحاكي شخصية جيمي هوفا الأسطورية، لكن تبقى الملفات الأولى التي اختارها مؤشرا حيويا لقادم إدارته، فجاءت الاختيارات الداخلية والخارجية (عالية المستوى High Profile). فقد ذهب أولا لمقر وكالة CIA لتقديم الدعم لمديرها الجديد بمبيو، ومن ثم عكف على ثلاثة ملفات خارجية، حيث تم الإعلان عن استقباله تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا في واشنطن قبل نهاية الأسبوع، يلي ذلك قمة أمريكية مكسيكية في واشنطن نهاية يناير الجاري.



أما الملف الرابع والأخير فقد أوكل لوزير خارجيته تيلرسون مهمة تأطير مستقبل العلاقة من روسيا بوتين «الولايات المتحدة لن تشارك في مؤتمر أستانة، وسوف تقتصر مشاركتها بصفة مراقب عبر سفيرها في كازاخستان».



ذلك الإعلان حوى رسالتين، أولاهما للداخل والثانية للرئيس بوتين شخصيا. فبالتأكيد أن عدم مشاركة الولايات المتحدة في ذلك المؤتمر بعد تأجيله خصيصا لما بعد تنصيب الرئيس ترمب يعد بادرة غير مرحب بها في موسكو، إلا أن ذلك القرار حوى أمرين حيويين آخرين، أولهما لتأكيد أن الرئيس ترمب يأخذ على محمل الجد رأي وزرائه تيلرسون (الخارجية)، ماتيس (الدفاع)، بالإضافة إلى بمبيو المخابرات المركزية CIA، وفلين مؤسسة الأمن القومي NSA حول الموقف من بوتين شخصيا، وما تمثله روسيا من تهديد لأمنها ومصالحها القومية الآن ومستقبلا.



وها هو يؤكد ما تحدث عنه سابقا بعد جلسات التحقق والتأكيد Confirmation Hearing لمرشحي الحقائب الوزارية من قبل الكونجرس. فعندما سئل ترمب عن التباين مع مرشحيه في الموقف من روسيا، أجاب «لقد طلبت من الجميع أن يمثلوا قناعاتهم بكل أريحية». فبخلاف تيلرسون القادم من قطاع النفط، فإن الثلاثة الآخرين ذوو خلفية عسكرية، والأربعة مجتمعين يمثلون أدوات الرئيس ترمب وإرادته في إعادة الولايات المتحدة قوية وقائدة للعالم من جديد، أضف إلى ذلك اتفاقهم دون تحفظ على ضرورة مواجهة الطموح الروسي.



هذه ليست المرة الأولى التي تعهد فيها إلى عسكري سابق حقيبة وزارية في حكومة أمريكية، إلا أنها الحكومة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي تحظى بهذا العدد من الجنرالات والعسكر. فشخصية ترمب المتنمرة والمتعجرفة تحتاج إلى فريق عمل من نوع خاص و«جلد سميك Thick Skin» حتى لا تنفذ لكبريائهم بعض المفردات الترمبية، لكن يبقى من المؤكد أن أغلبهم قادر على قول رأيه في كل الأوقات، وأولهم الجنرال ماتيس الملقب «الكلب المجنون Mad Dog». هؤلاء الجنرالات والعسكر، بالإضافة لوزير خارجيتة تيلرسون قد يمثلون فريقا خاصا تحت إشراف مباشر من نائب الرئيس مايك بنس، وهو السياسي الضليع بدواخل واشنطن والعلاقات الخارجية إبان رئاسته للمؤتمر العام للحزب الجمهوري لثلاثة أعوام. فأولويات الرئيس الآن تقتضي إدارة الملفات الداخلية وإطلاق جزء من المشاريع الكبرى التي وعد بها حتى لا يقال فيه ما قيل فيمن سبقوه.



إلا أن علينا الاعتراف بأن 99.9% من القراءات العربية للرئيس دونالد ترمب سيتم التراجع عنها «بما فيها محدثكم عن مقال سابق تحت عنوان دونالد وترامب»، أما 99.9% الآخرون من جماعة «ألم أقل لكم ذلك» فقد نجدهم يختارون الحديث عن البستنة أو الاحتباس الحراري أو ربما أناقة العائلة الأولى «والكلام لن يكون عن أناقة الرئيس بالتأكيد»، بعد ذلك يتبقى لدينا 99.9% ممن سوف يستمر في مضغ ترمب كلما نطق بكلمة «الإسلام».



[email protected]