رياض العشاق

الاحد - 22 يناير 2017

Sun - 22 Jan 2017

لا أحد ينكر ما يفعله الحب عندما يخالط بشاشة القلب، ولا يستطيع أحد كائن من كان أن يناهض الحب وصبابته، ويضعه في قالب التفاهة! ويتوارى عنه!



لأنه بلسم الحياة، وريحانة النفوس بل هو استراحة القلوب، تزهو به الأيام متوشحة أجمل ثياب العمر، وتشدو به الليالي ألحانا شجية، لكن ما نسمع عنه في المسلسلات التركية حب آخر وصل إلى حد الخرافة، لا توجد به أيام عصيبة تكدر دلاءه ولا تخدش صفاءه، ويرسم للناظر أن الحب إذا وقع فهو نهاية الأحزان! وانحسار البؤس من حياتهم! ومن ثم تتابع الفرح السرمدي وذهاب الحزن، هذا الحب أو الهيام المكذوب، وحتى لو حصل في سيناريو المسلسل من فرقة وبعد بين الأحبة فإن جوهر الفكرة للمسلسل التركي قائمة على المبالغة المستفيضة في غالب حلقاته.



عاش من قبلنا مع قضية الحب على أشكال عدة ومارسه أناس على اختلاف مشاربهم فمنهم من عاشه وسطا بقدره الطبيعي ومارسه بأريحية واضحة لا لبس فيها ولا غموض ولا فظاظة، كحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما سأله عمرو بن العاص-رضي الله عنه- ما أحب الناس إليك؟ قال: عائشة ... تأمل جواب الحبيب المحب صلى الله عليه وسلم الذي زرع الحب والود في قلوب القساة الذين كانوا يئدون البنات، لم يتردد ولو لحظة واحدة بالجواب، وقصة حبه مع حبيبته السابقة ورفيقة دربه في مكة التي كملت من النساء خديجة رضي الله عنها، فقد كان يحب حتى سماع صوت أختها هالة فقط لأنها تذكره بخديجة -رضي الله عنها- بل كان يتعاهد بصويحبات خديجة بالصدقة، هذا هو الحب الحقيقي لا ما نسمع عنه في مسلسلات تركية تجاوزت فضاء المنطق وحدود المشاعر، حتى أثرت سلبا على حياة الكبار قبل الصغار!!



تتواصى هذه المسلسلات بانتقاء الممثلين من حيث الشكل واللبس واختيار أماكن اللقاءات بدقة عالية، تهيج النفوس المنهكة والمتعطشة لهذه اللحظات الرومانسية، فتتجاوب النفوس تبعا لمتابعة القصة حتى آخرها، لأن النفوس جبلت على حب كل جميل يسر الناظر إليه، وللأسف يعيش الناس مع هذا المسلسل برهة من الوقت ثم يعودون لواقعهم ليصطدموا بالبون الشاسع بين المأمول والواقع!



صبرا أخي وأختي المشاهدين لهذه المسلسلات الغرامية إنها لا تحاكي واقعا ولا تزيد الخيال إلا خيالا، وتبعدك بعيدا عن واقع تعيشه، وتنحى بك عن الوسطية في التعامل مع الحب نفسه، فهي ترفض الحب ما بعد الزواج، وتحث على ما قبله، ولا ترضيك بما قسم لك من رب العالمين بمن هو أعلم منك بمصلحتك، فارفق بنفسك فأنت خلف الشاشة!



ويا من تضرب كفا بكف لفوات عمرك وأنت لم تعش الرومانسية، ولم تعش حبا قبل الاقتران بشريكة عمرك، فهذه المسلسلات أنجزت وعدها باستقطاب السياح، والوقوف على أطلال العشاق أصحاب الأدوار الرومانسية وبدأت تؤتي أكلها في كل إجازة صيفية، يرتادها السياح من كل حدب وصوب واقفين أمام حدائق العشاق ولكنهم هذه المرة لم يروا المتعانقين! فيا حسرة على العباد.



آخر الكلام، يقول أحدهم: وكم من مطلوب كاد الإنسان أن يذهب نفسه حسرات على فوته، ثم تبين له بعد فترة أنه كان إنقاذا من الله أن فوت عليه هذا المطلوب في حينه.