محمد حطحوط

رؤية 2030.. حتى لا نكرر الخطأ

الاحد - 22 يناير 2017

Sun - 22 Jan 2017

رئيس وزراء دولة أوروبية في زيارة رسمية للرياض التقيت به ضمن مجموعة من الإعلاميين، وعندما شرح له المرافق المشاريع التنموية للمملكة، من رؤية 2030 والإصلاحات الحكومية المتسارعة، وابتعاث آلاف من الشباب السعوديين، كان رده مباغتا: أتمنى ألا تكرر السعودية الخطأ الذي وقعنا فيه عندما أطلقنا حزمة الإصلاحات! وضعنا هدف أن نحقق الريادة - والكلام له - في الحكومة الالكترونية، وبالفعل تحقق الهدف وأصبحنا الدولة رقم (1) في تحول عمليات الحكومة الورقية إلى الكترونية، وأطلقنا مبادرات ضخمة داخلية وخارجية لجلب الاستثمار الأجنبي للبلد، ورافقها رفع لمستوى الشفافية لكل القطاعات..



وانتظرنا دخول الشركات العالمية زرافات ووحدانا للسوق، ولكن الصدمة التي لم نحسب لها حسابا، والكارثة التي كانت خارج دائرة التفكير أنه لم يأت أي أحد! لم تتفاعل الشركات داخل الدولة ولا خارجها.. لم يتفاعل العالم مع قضايانا وإصلاحنا ولم يكترث العالم نفسه بالبيئة التي تعبنا كثيرا في بنائها!



وعندما عملنا استفتاء موسعا وبحثا شاملا عن عمق المشكلة، كان السبب أننا بالفعل قمنا بإصلاحات جريئة، لكننا ارتكبنا خطأ فادحا في عدم التسويق لهذه الإصلاحات داخليا وخارجيا! بعبارة أخرى: لم تعرف الشركات ولا العالم أي شيء عما كنا نقوم به داخليا! ولهذا من الطبيعي أنهم لم يتفاعلوا معنا لأنه ليس عندهم أي خبر. ويختم الرجل قصته: أتمنى ألا تكرر السعودية الخطأ نفسه!



هذه الديباجة تفتح سؤالا عريضا: ما حصة التسويق في رؤية 2030؟ ما هي المبادرات النوعية لتسويق الرؤية داخليا وخارجيا؟ داخليا لأن هناك كرة ثلج في بدايتها بين المواطنين تحمل صورة ذهنية مشوشة عن الرؤية، والسبب أن الرؤية لم تسوق لنفسها بشكل جاذب، لم يدرك المواطن بعد أن هذه المعاناة المشتركة في ذهاب البدلات وغيرها هي للأجيال القادمة وربط ذلك في خطة تسويقية متقنة لإدارة سمعة الرؤية Reputation Management، وهو تخصص صار اليوم مستقلا.



لا يمكن تخيل نجاح أي رؤية في العالم وسائق التاكسي غير مؤمن بها. لاحظ الحماس منقطع النظير لسائق التاكسي في كوالالمبور ماليزيا لرؤية بلده. رؤية 2030 فيها جوانب مذهلة ستحدث الفرق للأجيال القادمة - إن نفذت بالشكل الذي قرأناه – ولا بد من تبسيط هذه الصور الجميلة وإيصالها لرجل الشارع العادي بلغة يفهمها وبأسلوب إقناعي يتبناها وتصبح قضيته التي يدافع عنها.



أما ما يتعلق بتسويق رؤية 2030 خارجيا فذاك لدى الدول التي تشكل للمملكة بعدا استراتيجيا، وللعالم بعد ذلك، وهناك نماذج متنوعة ومميزة في التسويق للدول Nation Branding مثل ألمانيا وتركيا واسكوتلندا ونيويورك، والقاسم المشترك بين هذه الدول أنها منحت التسويق الوقت والجهد اللذين يستحقهما لتحقيق تطلعاتها ومشاريعها التنموية.



[email protected]