هبة قاضي

التلعيب في الطوابير

دبس الرمان
دبس الرمان

الاحد - 22 يناير 2017

Sun - 22 Jan 2017

أخذ يضرب أخماسا في أسداس وهو يفكر في البرنامج الذي يحتاج لتصميمه كنشاط طلابي للشباب خلال العام الدراسي. نفخ في حيرة وهو يستعرض تجاربه السابقة التي وضع فيها جل جهده، في مقابل ردود أفعال الطلاب المتواضعة وضعف تفاعلهم مع الأنشطة. حين قابل صديقه الذي ترك العمل معهم منذ سنوات لبدء عمله الخاص راح يشكو له صعوبة الوضع واستهتار الشباب، وكيف أنه لم يعد يعجبهم شيء عدا تلك الأجهزة في أيديهم والهتاف في ملاعب الرياضة. لم يتوقع إجابة صديقه البتة، الذي رد عليه قائلا «بصراحة أنا مشفق على الطلاب وليس عليك».



للحظة بهتته الإجابة ثم عاود وسأل «ليه إن شاء الله؟»، رد صديقه «أحدثك بصراحة، مشكلتكم أيها المسؤولون عن الشباب أو اليافعين أو حتى الأطفال هو تفكيركم النمطي أو المسلم به في تعاملكم مع هذه الفئات. فرغم أن بعض الوسائل القديمة عفا عليها الزمن وشرب عليها الدهر إلا أنكم تصرون على الاستمرار فيها تحت مسمى العرف، المعتاد، والبروتوكول. فالطالب الذي كان قديما يصبر نفسه رغم عدم شعوره بالاستمتاع أصبح التظاهر بالنسبة له أصعب، خاصة مع انفتاحه على العالم وإدراكه لتأخر ما حوله»، رغم شعوره بالحنق وعدم الارتياح لما قاله صديقه إلا أنه أعطى نفسه فسحة من الوقت للتفكير واستيعاب ما قيل قبل أن يقول «حسنا، لو افترضنا أن ما تقوله صحيح، في رأيك ما الذي نحتاجه لنستطيع التعامل مع هذا الجيل؟»، اعتدل الصديق في جلسته وقد أصابته الحماسة «حقيقة لست متخصصا، ولكن لنفكر بصوت عال، كيف تستطيع الشركات التأثير في الناس من خلال تسويقها ودعاياتها وبيع هذا الكم من المنتجات لهذا الكم المتنوع من الفئات المستهدفة؟ بالطبع لأنهم يستخدمون أحدث الطرق والتقليعات الحديثة ويبدعون في ربطها بحياة الناس».



سكت قليلا ثم استطرد «هل فكرت يوما كيف أن التكنولوجيا أصبحت الأداة الأولى للإبداع والجذب، وكيف أنكم ما زلتم تستخدمون الوعظ والتوجيهات المباشرة حتى في التعامل مع مواهبهم وإبداعاتهم، في تضاد صارخ مع ما يرونه ويتابعونه في العالم؟ وهل فكرت يوما في استخدام Branding والهوية الفكرية لخلق برنامج فكري ذي مؤثرات بصرية وكلمات رنانة تواكب عصرهم، بل وتجعلهم يستبقون المستقبل؟ وهل جربت أن تحفزهم من خلال استخدام الإعلام الاجتماعي لمشاركة مواهبهم وأفكارهم بطرق مبتكرة وتفيد أيضا في إثراء المحتوى العربي القيم في شبكة الانترنت؟ والأهم هل جربت أن تأخذ الموضوع لأكثر من ذلك باستخدامك لتقنية Customization، أو ما يسمى التخصيص، ليشعر طالبك أو مجموعتك بأنهم مميزون عن الباقين في عطائهم وفيما يتلقونه، فيعطوا أكثر ويتفاعلوا أعلى. ويمكنك الذهاب لأكثر من هذا فتستخدم تقنية Gamefication التلعيب، والتي تعتمد على تطبيق تقنيات اللعب والفوز والربح لتحفيز التفاعل والمشاركة، وقد استخدمتها الشركات لرفع مبيعاتها واستخدمتها بعض الحكومات لتحفيز الالتزام بالضوابط المرورية والإقلاع عن التدخين وغيرها. كما بإمكانك أن تجرب...».



قاطعه ضاحكا «الرحمة يا أخي عشان أستوعب»، ضحك صديقه وهو يأخذ نفسا عميقا ثم أكمل «تخيل معي لو أنكم كمسؤولين وصانعي أنشطة للشباب تعاملتم معهم كعملاء ربحيين، ترى كم ستتغير النظرة وطريقة التفكير»، سكت الأول مفكرا لوهلة ثم قال «صراحة معك حق ولا أعرف كيف أشكرك على هذا الحوار. وأعتقد أن أول ما سأفعله غدا هو الدعوة لاجتماع في الإدارة ورفع توصية لعمل ورشة عمل أدعوك أنت ومن ترشح من الخبيرين في عالم الأعمال. فخبرتكم مع خبرتنا قد تكون بداية لتعاون يدفع بكل مجتمعاتنا نحو الأمام».



[email protected]